ملخص الجهاز:
"کان الهدف واضحا:تکسیر وحدة الصف الوطنی الذی تشکل منذ الثلاثینیات من الحرکة الوطنیة بقیادة حزب الاستقلال و من مؤسسة العرش و علی رأسه الجالس علیه محمد الخامس، و بالتالی الحیلولة دون تحول استقلال المغرب إلی استقلال حقیقی فیه جلاء القوات الأجنبیة الفرنسیة و الأمریکیة و الاسبانیة،و السیر قدما فی بناء العربی انطلاقا من مساندة الثورة الجزائریة المساندة القویة المطلوبة،و بناء اقتصاد وطنی متحرر،و تشیید حیاة دیمقراطیة یکون الفاعل السیاسی فها هم رجال الحرکة الوطنیة و الجماهیر الشعبیة لقطع الطریق علی أعوان الاستعمار و الوصولیین و الانتهازیین.
هذا و لا بد من الإشارة إلی أننا نتجنب هنا التعرض للخلافات و الصرعات داخل الاتحاد الوطنی قبل المؤتمر الثانی و بعده،و هی الصراعات التی جمدت الحزب بعد هذا المؤتمر و التی کانت أساسا بین القیادة النقابیة و معها عبد الله ابراهیم من جهة،و المکونین الرئیسیین الآخرین للاتحاد من جهة أخری،و هما الکوادر السیاسیة و علی رأسها المهدی بنبرکة و رجال المقاومة و جیش التحریر و علی رأسهم الفقیه البصری و عبد الرحمن الیوسفی.
من هنا ندرک أن«التناوب»فی المغرب لا یتعلق مضمونه بمن سیکون علی رأس هذه الوزارة أو تلک،بل بمن سیکون إلی جانب الملک إلی جانبه:هل الحرکة الوطنیة و امتداداتها أم«القوة الثالثة»التی أراد الاستعمار أن یرهن الملک بواسطتها فی فلک مصالحه؟ و الیوم و قد تغیرت الظروف و لم تعد المصالح الأجنبیة محکومة بالحرب الباردة و صراع القوی الدولیة،لا بد أن یتخذ«التناوب»مضمونا آخر:إما الفراغ الذی تعمره الانتهازیة التی برهنت التجربة أنها أول من یتخلی عن العرش و صاحبه عند الشدائد(سواء زمن الحمایة أو ساعات المحاولتین الانقلابیتین الفاشلتین)،و إما إعادة ترتیب العلاقة بین العرش و القوی الوطنیة الحقیقد بما یجعل من کون الواحد منهما ضروریا للآخر جسرا سلمیا و نموذجیا لعملیة الانتقال نحو الدیمقراطیة فی إطار ملکیة دستوریة،تجسم تاریخ الملکیة و تاریخ الوطنیة فی المغرب،و هما تاریخ واحد یمتد علی أکثر من اثنی عشر قرنا."