ملخص الجهاز:
"خامسا-وجوب الحکم بما أنزل الله: لم ینزل الله شریعته فی قرآنه و سنة نبیه إلا للتطبیق و العمل،و لم یجعلها مقصورة علی زمن دون زمان،و إنما جعلها شریعة الأجیال و الأزمان و الأمکنة،فلا یصح لمسلم القول بأن هناک مجافاة بین شریعة الإسلام،و ظروف العصر،أو إن بعض أحکامها لم یعد صالحا للتطبیق فی الحیاة الحدیثة،و إننا إذا طبقنا أحکام شریعتنا تعرضنا للنقد المر الشدید من دول الغرب و شعوبها،و قد حدث هذا فعلا فی الحملد الشرسة فی الصحف و الإذاعة و التعلیقات السیاسیة علی السودان حینما أعلنت تطبیق الشریعة الإسلامیة فی بدایة الثمانینات.
أما شریعة الله فجمعت بین الحسنیین،فهی دائمة خالدة مستمرة فی نطاق المبادیء العامة و القواعد الکلیة التی لا تقبل التغیر،و لاتستدعی التبدل، و تنسجم مع کل متطلبات الناس،و هی أیضا غیر جامدة و لا متحجرة و إنما تظل محافظة علی صلاحیتها المستمرة و تجاوبها مع مصالح الناس و حاجاتهم فی نطاق المعاملات الاقتصادیة،و أوضح مثال لذلک:غنی الشریعة فی علم أصول الفقه بالمبادیء الأساسیة للاستنباط وفق المصلحة مثل العرف العام و المصلحة المرسلة و الاستحسان وسد الذرائع.
وهنا یأتی دور الاجتهاد الجدید،فقد قرر علماء الأصول أنه إذا وقعت حادثة جدیدة،نظر المجتهد،لا المثقف العادی،و لا المتخصص الممتاز فی غیر أحکام الشریعة أو الدین،نظر فی نصوص القرآن أولا،ثم فی إجماع العلماء ثم فی القیاس، فإن وجد حکما مناسبا للحادثة فی هذه المصادر قضی به،و إن لم یجد عمل بالدائرة التی هی أکثر سعة من القیاس و هی العمل بالرأی المنبی علی مبادیء الشریعة و روحها العامة،فیأخذ بما أفاض فیه العلماء فی بحث المصالح المرسلة و الاستحسان و العرف و نحو ذلک،و ضمن ضوابط هذه المصادر،و لا یعنی الأخذ بالاستصلاح العمل بالرأی المحض الذی یری قائله وجود مصلحة فیه،و إنما یجب أن تکون المصلحة من جنس مصالح الشرع و مقاصده کالحافظ علی المقاصد الخمس الضروریة،و هی حفظ الدین و النفس و العقل و النسل أو العرض،و المال."