ملخص الجهاز:
"فما مدی تماسک هذا النموذج؟ النموذج: لم یکن صمویل أول من قال بصراع الحضارات، فقد أشار إلی ذلک لیستر بیرسون (Lester Pearson) رجل الدولة الکندی فی کتابه المنشور فی عام 1956م «الدیمقراطیة فی السیاسة العالمیة» وقال أن المجتمعات الشرقیة التی ولدت حدیثا لن تکون نسخة مما ألفه الغرب، وذهب إلی أن المشاکل فی العلاقات الدولیة لن تکون بعد الآن بین دول حضارة واحدة، کما کان الحال لعدة قرون بین دول أوربا، وإنما بین الحضارات المختلفة(9).
وما کان لـه أن یتغافل عن هذه المصالح الاقتصادیة التی دفعت استرالیا للانعتاق عن الغرب وسعی للحاق برکب شرق آسیا الناهضة اقتصادیا لأنه أشار إلی أن استرالیا لن تکون حالة شاذة واحدة وإنما ستلحق بها دول آخر حاثة السیر لترکب سفن الحضارات غیر الغربیة الصاعدة (ص.
ومن الواضح أن الشق الثانی یسقط تصادم الحضارات نهائیا، وحتی إذا قبل الغربیون بالتنفاس الحضاری هل تقبل به القوی الناشئة المتشوفة الطامحة؟ ولهذا یلاحظ أن هنتنغتون رکز فی نموذجه کثیرا علی الشق الأول والذی تحتل الولایات المتحدة »المرکز الرئیس« فیه، ولکنها دولة صدع ومهددة بالتمزق والانقسام فلا سبیل إلی توحیدها داخلیا وتماسکها مع الغرب کله إلا بالتضاد مع الآخرین، ولن یتحقق التماسک الاجتماعی إلا بوجود عدو مشترک، والحرب معه ترسخ الهویة.
وأخال أنها علی عظمها وتتابعها لم یکن لها إلا تأثیر خافت فی مفردات النموذج ظهرت عند هنتنغتون فی قوله بـإمکانیة قیام نظام عالمی متعدد الحضارات إذا قبل قادة العالم به، وحتی هذا ظهر عنده فی کتابه قبل الجهود الحواریة المکثفة سابقة الذکر، وربما نتیجة مناقشات أکادیمیة فی دوائر الغرب ذاته، وفی الولایات المتحدة خصوصا."