خلاصه ماشینی:
"و من مظاهر التربیة الروحیة و الأخلاقیة ما ورد فی صلاة الاستسقاء و هو طلب السقیا،و تکون الصلاة بعد ثلاثة أیام من الصوم،و بعد التوبة إلی الله تعالی من الذنوب(و یلاحظ هنا التوجه الجماعی للجماعة المصابة بالقحط و عدم نزول الأمطار)،و تطهیر الأخلاق من الرذائل،ورد المظالم لأن ذلک أرجی للاجابة،و قد یکون القحط بسبب هذه المظاهر،و کما یدل علیه قوله تعالی:«و ألو استقاموا علی الطریقة لأسقیناهم ماء غدقا»14 و مما جاء عن الامام الصادق علیه السلام قوله:إذا فشت أربعة طهرت أربعة: إذا فشا الزنا کثرت الزلازل، إذا أمسکت الزکاة هلکت الماشیة، و إذا جار الحکام فی القضاء أمسک القطر من السماء.
و مشاهد من هذا النوع و استغراق عملی بهذا المستوی،بشکل فردی و جماعی،فی اللیل و النهار،و فی الصباح و الظهیرة و العصر و المساء،و فی أوقات الأفراح و أحداث الکون المتوقعة الحدوث،کالزلازل، و الکسوف،و الخسوف،و الریاح العاتیة المخوفة،و القحط،وشحة الأمطار،کل تلک المحطات لهی مدارس وعی و تربیة و ریاضة روحیة و بلورة أخلاقیة لم تشهد لها الانسانیة عبر تاریخها الطویل مثیلا،و لم تهتد إلیها مدارس الفلسفة و العلوم و آراء المذاهب المختلفة،حتی کانت الشریعة الاسلامیة و کان الفقه الاسلامی کأوسع موسوعة عبادیة روحیة أخلاقیة تربویة تمزج العلم بالعبادة،و العبادة بالأخلاق،و الأخلاق بالتربیة،و التربیة بالاجتماع و السیاسیة و الاقتصاد،حتی یتکون شلال المعرفة البشریة منطلقا باصوله العملیة و النظریة لیأخذ بجماع العقول و القلوب إلی حیث تکون مسیرة التکامل و الإستکمال،و هی النتیجة النهائیة التی یهدف إلیها الفقه الاسلامی و المکلف المسلم الذی یبرح ملتزما خاشعا عابدا حتی یأتیه الیقین."