خلاصه ماشینی:
"و لسنا نجد حاجة ملحة للاستدلال علی هذین الحدین بملاحظة وضوح ذلک،و خصوصا إذا لاحظنا الروایات التی مرت بنا قبل قلیل،و ان کنا نجد ان أدنی تأمل فی طبیعة أهداف الدولة الاسلامیة الاقتصادیة یکفی للدلالة علی أن الحد الأدنی الذی یرتضیه الاسلام هو الغنی المذکور،و ان الحد الأعلی هو حد عدم الاسراف-کما مر-و من هنا نستطیع أن نقول بأن الدولة علیها أن تبذل کل امکاناتها المادیة و الشریعیة القانونیة،و نفوذها المعنوی، فی سبیل الارتقاع بمستوی الطبقات المحرومة فی المجتمع،و توفیر کل الظروف الملائمة لتحقیق حد الغنی المطلوب،کما أن علیها أن تبذل کل طاقاتها للضغط بشدة علی الطبقات المترقة المتجاوزة للحد الطبیعی حتی تصل الی الحد الذی یرتضی فیه العرف العام صدق صفة عدم الاسراف علیه.
و علیه،فالدخل لا محدویة له فی الدولة الاسلامیة کمبدأ،و لکن هذا لا یعنی أن لا تستطیع الدولة السیطرة علی نمو الدخل الفردی بشکل أهوج،فإذا رأت ان ذلک النمو الأهوج سوف یؤدی الی تداول الثروة لدی فئة قلیلة جدا،لها صفاتها غیر الطبیعیة،مما یسحب القدرة الاقتصادیة فی مجالات الانتاج و التبادل من الجماهیر،أو رأت ان هذا النمو المتکاثر سوف یجعل من الصعب علی الجهاز الإداری أن یحقق التوازن المطلوب،و أمثال ذلک،فانها تستطیع التحدید من الدخل عبر المنع من الدخول فی بعض المجالات الاقتصادیة،و منح تلک المجالات لرؤوس الأموال التعاونیة،أو للشرکات المساهمة،أو للأفراد،أو للآخرین،أو تستطیع أن تفرض بعض الضرائب التوازنیة لتحقیق هذا الهدف، و لا مجال فعلا للبحث عن الأسس التشریعیة لذلک،و لکنا نشیر الی القدرة القانونیة،التی یملکها ولی المفترض الطاعة بنص القرآن الکریم،فهی قدرة واسعة لتحقیق المصلحة الاجتماعیة،و الأهداف الاقتصادیة المرسومة."