خلاصه ماشینی:
"تجد أنه جعل خوف هؤلاء الرجال من یوم القیامة وهوله ، وما یلاقیهم هناکمن حسابه ، سببا فی ذکرهم ربهم ، وإقامة صلاتهم ، وإیتاء زکاتهم ، کما أن فعلهمالصلاة والزکاة نتیجة ثقتهم بأن الله یشکرهم علی فعلهم ، ویمتعهم بثمرة أعمالهم ،فالآیات تنادی بأن من لم یقم الصلاة ، ولم یؤت الزکاة ، ولا یخاف ذلک الیوم - یومالدین - ولا یثق بثواب رب العالمین ، إذ النفس مفطورة علی فعل الشیء متیترجح لها فیه الخیر ، والابتعاد عنه إذا علمت منه الضرر ، وهذه قاعدة نفسیة ،تجری علیها جمیع الأعمال البشریة ، فمن ادعی خلافها فهو کاذب ، ألا تراک حینتعلم أنک إذا وضعت یدک فی جحر الثعبان ؛ فإنه یلدغک ، أو أکلت طعاما فیه سم ؛فإنه یقتلک ، لا تستطیع بحسب فطرتک أن تقدم علیه البتة ، اللهم إلا إذا زال مننفسک هذا العلم بالضرر ، أو أصابک شیء فی العقل ؛ فترجح لک النفع فی الموت ،ولکن ما دام العقل سلیما ، والضرر مرجحا ؛ فإنک لن یمکنک الإقدام علیه ، فارجعإلی وجدانک ، وحقق منه ذلک ، فإنک لا تشک فی أن تارک الصلاة ومانع الزکاة ، لمیمنعه من أدائهما ، إلا ما قام بنفسه من ترجیح الخیر فی ترکهما ، وعدم یقینه بأنهسیعذب علی عدم المبالاة بهما ، ولو قرأت قوله تعالی عقب هذه الآیة مباشرة :{ والذین کفروا أعمالهم کسراب بقیعة } ( النور : 39 ) الآیة ؛ لرأیت أنه یقابل الآیةالتی قبلها ، ومن المعلوم فی سنة القرآن أن یذکر الکافرین ، فی مقابل المؤمنین ،فیریک أن من یتخلی عن تلک الصفات إنما هم الکفار ، ولا بد للمؤمنین منالاتصاف بها ، فبها یعرفون ، وبها یمیزون ."