چکیده:
إنّ ما يتغيّاه هذا المقال المتواضع، هو الوقوف على الإطار الزّماني و المكاني الّذي ظهرت فيه نظرية التّلقّي. هذه الأخيرة عُدّت واحدة من أهمّ النّظريات الأدبية و النّقدية الّتي حاولت أن تكسّر نمطية العملية النّقدية الّتي بدأت سياقية (تهتمّ بما هو خار نصّي)، ثمّ تلتها مناهج أخرى عُرفت بالنّسقية (داخل نصّية) مكرّسة اهتمامها على النّصّ كبنية مغلقة .
فخرجت من أنقاض كلّ هذه المقاربات نظرية التّلقّي محاولة الوقوف على نقائص ما سبقها فامتاحت من هنا وهناك فشيّدت صرحا نقديا أعاد النّظر في ماهية النّصّ الإبداعي مانحة القارئ مكانة معتبرة بعد أن طال تغييبه في السّاحة النّقدية .
فرأت النّور في جامعة كونسطانسl’ école de constance الألمانية في ستينيات القرن الماضي على يد رعيل من الأساتذة الجامعيين . و على رأسهم [" هانس روبرت ياوس "] Hans robert yaussالّذي غرف مادّته النّقدية من عدّة معينات فلسفية كالهيرمينوطيقاherméneutique والفينومينولوجيا phénoménologie و علم الاجتماع sociologie ... كما رفد من الشّكلانية الرّوسية formalisme russe والسّيميولوجيا sémiologie .... ومن أهمّ الأدوات الإجرائية الّتي اتّكأ عليها ياوس ليفرض جدوى مشروعه النّقدي : أفق الانتظار كعصب للتّلقّي عنده ،المسافة الجمالية، اندماج الآفاق ، منطق السؤال و الجواب …..
خلاصه ماشینی:
نظريّة التّلقّي: الأصول العلمية و الإجراءات التّحليلية بوخليفة بوسعد ـ طالب دكتوراه في جامعة عبد الرّحمن ميرة بجاية الجزائر ملخّــــــــــــص: إنّ ما يتغيّاه هذا المقال المتواضع، هو الوقوف على الإطار الزّماني و المكاني الّذي ظهرت فيه نظرية التّلقّي.
فخرجت من أنقاض كلّ هذه المقاربات نظرية التّلقّي محاولة الوقوف على نقائص ما سبقها فامتاحت من هنا وهناك فشيّدت صرحا نقديا أعاد النّظر في ماهية النّصّ الإبداعي مانحة القارئ مكانة معتبرة بعد أن طال تغييبه في السّاحة النّقدية .
وما يمكن التّعقيب به في هذا المضمار، هو أنَّ نظريّة التّلقّي جدّدت نظرتها إزاء النّص وانتبهت إلى قضيّة غياب القارئ (المتلقّي) في العمليّة الإبداعيّة.
فما هو المنبت الأصلي لنظريّة التّلقّي؟ وإذا كان الرّائد الأساسي لهذه المقاربة هو ياوس، فما هي الإجراءات الّتي اتّكأ عليها لفرض جدوى دراسته؟ إلى أيِّ مدى وُفِّقت آراء ياوس في سدّ الثّغرات الّتي تعاني منها المقاربات الّتي سبقتها زمنيًّا؟ ما هي النّقائص الّتي لوحظت في هذه النّظريّة؟ وما هو أفق المساءلة النّقدية الّتي تضطلع به نظريّة التّلقّي مستقبلا؟ لعلّ الظّهور الأوّل لنظريّة التّلقّي كمنهج قائم بذاته يعود إلى ستينيات القرن الماضي.
I- الأصول العلمية 1- نظرية التّلقّي وجدلية المنعطف التّاريخي: لم يكن ياوس يهتمّ بالتاريخ كعلم إنساني محض ،إنّما أسقط هذا العلم على ساحة الأدب مقرًّا أنّ جدوى العمل الإبداعي يكون بتتبُّع مسار القراءات التي حظي بها العمل والثّمار التي جُنيت منه على مرّ الحقب الزّمنية.
لذا عدّت عملية الالتفات إلى القراءات التاريخية في عملية التّلقّي ضرورة لابُدّ منها نظرا للأضواء التي تُلقيها على طريق الفهم حيث "رأى ياوس في محاضرة ألقيت بجامعة كونسطانس عام 1967م عن أنّ التّاريخ الأدبي لابدّ له أن يحتفظ على نوع من الصّلة الحيوية بين نتاج الماضي واهتمامات الحاضر.