چکیده:
عاش ابن نباتة في عصر خيم استخدام المحسنات البديعية و زخرفة الألفاظ و تنميق الكلام علي الأدب عامّة و علي الشعر خاصة. فأكثر الشعراء من المحسنّات البديعية بفرعيها في نتاجاتهم و أصبح اللجوء إلي الصّناعة و التّكلف وسمة بارزة في أدب هذا العصر و مضماراً بعيد الشَّوط لِإبراز المقدرة الأدبية و الغزارة اللغوية بين الشعراء و الأُدباء. و لم يكن ابن نباتة المصري بمنأي عن هذه النزعة. و إنّما سايرها و عالجها و أولع بها لتصبح طابعاً مميزاً لشعره. فنراه تارة يميل إلي المحسنات المعنوية و يسرف في استخدامها في شعره و تارة أُخري تستهويه المُحسناتُ اللفظية فيوظفّها توظيفاً يطغي علي بعض شعره و نتعرض له مرّةً فنراه يتلاعب بالألفاظ و الحروف، يفصل بينها و يقطّعها تارة و يرّخمها أُخري لينتج منها ألفاظاً جديدة يثري بها نتاجه الشعري، و ليكون مظهراً لسعة اطّلاعه اللغوي و مرونته في تصريف الألفاظ و تقليبها و التّلاعب بها. و قد نراه في غير قليلٍ من قصائدِهِ يميل إلي المصطلحات اللغوية و يستعير منها مادته الشعرية للتعبير عن هواجسه و ما يختلج في صدره من عواطف و آلام، و لتلوين المعني أو إيراده بطريقة جديدة تجعل القارئ يتوقف قليلاً للوقوف علي مراد الشّاعر. و لا يخفي علي القارئ أنّ دراسة هذه المصطلحات تميط اللثام عن بعض خبايا أفكاره و آرائه كما تكشف عن سعة إلمامه بالعلوم الّتي وظّف مصطلحاتها في شعره، و تبين كيف استطاع الشاعر أن يوظّف قواعد اللغة و خاصة النحو لتكثير المعاني و توليدها من المعاني القديمة و خلقِ الصور الشعرية. فمن هنا يتوقف هذا البحث عند توظيف المصطلحات في شعره تركيزاً علي النّحوية و الصّرفيه منها و كذلك تلاعبه بالأحرف و الألفاظ.