چکیده:
یـعد التعلیم الدینی رکنا أساسیا فی بناء الفرد وحصنا حصینا للمجتمع یحفظه من الضعف والظلال والانبتات. بمقدار الاعتناء به (التعلیم الدینی) وتطویره، یکتسب الفرد قوة وعزة، والمجتمع حصانة ومناعة. من جهة أخرى، عرف العالم فی العقود الأخیرة انفجارا معرفیا رهیبا فی تکنولوجیا الإتصال وتقنیة المعلومات حتى أصبحنا نعدّ أکثر من ملیار مستخدم للإنترنت على وجه البسیطة، وما یزید عن أربعة ملیار مستخدم للهواتف المحمولة، أکثرهم من فئة الشباب. أمام هذه الثورة الاتصالیة والمعلوماتیة، لم تعد أنظمة التعلیم التقلیدی، بتقنیاتها المحدودة، قادرة على تلبیة متطلبات العصر، ومجاراة نسق الحیاة المتسمة بالسرعة، والمرونة، والتغیرات السریعة. أصبحت منظومة التعلیم التقلیدی فی تراجع وانحسار فاسحة المجال أمام نوع جدید من التعلیم غیر التقلیدی متخذا من الفضاء الإلکترونی، بوسائله الحدیثة وتقنیاته المتطورة، إطارا له. وضعنا هذا الواقع الجدید أمام حقیقة مفادها أنّ أسالیب، وتقنیات، ووسائل التعلیم الإلکترونی نشأت وتطورت فی الغرب؛ بمعنى أنها لم تـُراع فی نشأتها وتطویرها خصوصیات العلوم الدینیة الإسلامیة الأصیلة، ولا متطلباتها فی مسألتی التعلم والتعلیم، کما أن إسقاط هذه الأسالیب والتقنیات، واستعمال هذه الوسائل دون مراعاة خصوصیات التعلیم الدینی الإسلامی یؤدی إلى نتائج عکسیة تنحرف به (التعلیم الدینی) عن إدراک أهدافه، وتخلق مشکلات عدیدة على المستویات العلمیة والتربویة والشرعیة. أصبحنا إذن أمام معادلة صعبة: کیف یجاری التعلیم الدینی نسق الحیاة، ویلبی متطلبات العصر دون أن یفقد خصوصیاته، ودون أن یـضیع أهدافه، وسط الکم الهائل من التقنیات الحدیثة والوسائل المتجددة. بلغة أخرى: - کیف نطوع ونطور وسائل الفضاء الإلکترونی حتى تتوافق وخصوصیات التعلم والتعلیم الدینی وفق المنهج الإسلامی الأصیل؟ أحاول فی هذه الدراسة تقدیم رؤیة موضوعیة حول بعض قضایا التعلیم والتعلم الدینی فی الفضاء الإلکترونی، وذلک عبر الإجابة عن أسئلة جوهریة: 1- ما هی الفوارق بین العلوم الدینیة (الإسلامیة) والعلوم الطبیعیة ؟ 2- ماذا یترتب عن تلک الفوارق؟ 3- ما هو دور کل من المعلم والوسائل الحدیثة فی عملیة التعلیم الدینی فی الفضاء الإلکترونی؟ 4- ما هی ضوابط تعلم وتعلیم العلوم الدینیة فی الفضاء الإلکترونی؟ ما سیقع طرحه من أفکار ورؤى لا تعنی اتخاذ موقف سلبی من وسائل الفضاء الإلکترونی فی عملیتی التعلم والتعلیم الدینی، بقدر ما هو بحث علمی، هادئ ورصین عن کیفیة تطویر وتطویع هذه الوسائل المهّة لتتوافق وخصائص التعلیم الدینی حتى یتسنى لهذا الأخیر القیام بوظائفه دون انحراف ولا تشویه.
Religious education is a fundamental pillar in building the individual and a strong fortress for society that protects it from weakness, shadows and glimpses. By taking care of it (religious education) and developing it, the individual gains strength and pride, and society gains immunity and immunity.
On the other hand, the world has witnessed in recent decades a terrible knowledge explosion in communication technology and information technology, until we have counted more than one billion Internet users on the simple face, and more than four billion mobile phone users, most of them youth.
Faced with this communication and information revolution, traditional education systems, with their limited technologies, are no longer able to meet the requirements of the times and keep pace with the pace of life that is characterized by speed, flexibility, and rapid changes.
The traditional education system has become in decline and decline, giving way to a new type of non-traditional education that is taken from the electronic space, with its modern means and advanced technologies, as its framework.
We have put this new reality in front of the fact that the methods, technologies, and means of e-learning arose and developed in the West. Meaning that it did not take into account in its establishment and development the peculiarities of the original Islamic religious sciences, nor its requirements in matters of learning and education, just as dropping these methods and techniques, and using these means without taking into account the peculiarities of Islamic religious education leads to adverse results that deviate from you (education). And it creates many problems at the scientific, educational and Sharia levels.
Therefore, we are faced with a difficult equation: how religious education matches the pattern of life, meets the requirements of the age without losing its peculiarities, and without losing its objectives, in the midst of the huge amount of modern technologies and renewable means.
In another language:
How can we develop and develop the means of cyberspace in order to conform to the specificities of religious education and learning according to the original Islamic curriculum?
In this study, I try to provide an objective view on some issues of religious education and learning in the cyberspace, by answering fundamental questions:
1. What are the differences between the religious (Islamic) sciences and the natural sciences?
2. What follows from these differences?
3. What is the role of both the teacher and modern methods in the process of religious education in cyberspace?
4. What are the controls for learning and teaching religious sciences in cyberspace?
The ideas and visions that will be presented do not mean taking a negative stance from the means of electronic space in the processes of learning and religious education, as much as it is a scientific, calm and discreet research on how to develop and adapt these professional means to conform to the characteristics of religious education so that the functions of the latter cannot be distorted without its rise.
خلاصه ماشینی:
وضعنا هذا الواقع الجديد أمام حقيقة مفادها أنّ أساليب، وتقنيات، ووسائل التعليم الإلكتروني نشأت وتطورت في الغرب؛ بمعنى أنها لم تـُراع في نشأتها وتطويرها خصوصيات العلوم الدينية الإسلامية الأصيلة، ولا متطلباتها في مسألتي التعلم والتعليم، كما أن إسقاط هذه الأساليب والتقنيات، واستعمال هذه الوسائل دون مراعاة خصوصيات التعليم الديني الإسلامي يؤدي إلى نتائج عكسية تنحرف به (التعليم الديني) عن إدراك أهدافه، وتخلق مشكلات عديدة على المستويات العلمية والتربوية والشرعية.
بلغة أخرى: - كيف نطوع ونطور وسائل الفضاء الإلكتروني حتى تتوافق وخصوصيات التعلم والتعليم الديني وفق المنهج الإسلامي الأصيل؟ أحاول في هذه الدراسة تقديم رؤية موضوعية حول بعض قضايا التعليم والتعلم الديني في الفضاء الإلكتروني، وذلك عبر الإجابة عن أسئلة جوهرية: 1- ما هي الفوارق بين العلوم الدينية (الإسلامية) والعلوم الطبيعية ؟ 2- ماذا يترتب عن تلك الفوارق؟ 3- ما هو دور كل من المعلم والوسائل الحديثة في عملية التعليم الديني في الفضاء الإلكتروني؟ 4- ما هي ضوابط تعلم وتعليم العلوم الدينية في الفضاء الإلكتروني؟ ما سيقع طرحه من أفكار ورؤى لا تعني اتخاذ موقف سلبي من وسائل الفضاء الإلكتروني في عمليتي التعلم والتعليم الديني، بقدر ما هو بحث علمي، هادئ ورصين عن كيفية تطوير وتطويع هذه الوسائل المهّة لتتوافق وخصائص التعليم الديني حتى يتسنى لهذا الأخير القيام بوظائفه دون انحراف ولا تشويه.
للعلوم الدينية قدسية خاصة، تحتاج المحافظة على هذه القدسية إلى صرامة كبيرة، ودقة عالية في عمليتي التعلّم والتعليم في الفضاء الإلكتروني، لا بد من التحري الشديد في اختيار المنهج، والتثبت من أصالة المفاهيم، والحذر الكبير في نقل المعلومات وعرضها عبر الوسائل الإلكترونية والمواقع الإفتراضية الحديثة، لابد أن تكون مقررات الدروس، وجميع المعلومات الدينية المخزنة في الوسائط الإلكترونية، والمعروضة في مواقع الإنترنت، ووسائل التواصل الإجتماعي، والفضاءات الافتراضية موثقة، مؤطرة، ومصادق عليها من طرف جهة شرعية، علمية، تربوية وإسلامية معروفة وموثوق بها، كل ذلك من أجل ضمان سلامة المادة المخزنة والمعروضة عقديا، ومنهجيا، وتربويا ولغويا.