خلاصه ماشینی:
"( الحجة السابعة ) : عقلیة ، وتقریرها أن غایة ما یقال فی خوارق العادات أنها ممکنة عقلا بالإمکان الخاص ، والممکن ما یکون وجوده بوجود علته ، وعدمه لعدمها ، فمن قال : إن شیئا یوجد بدون سبب ، فقد أخرج الممکن عن معناه ، وکذب المشاهد من نظام الکون ، فإن قیل : إن الله الذی جعل لکل شیء سببا قادر علی أن یوجد الکرامة بدون سبب کما أوجد المعجزة التی ثبتت قطعا ، نقول : نعم إنه قادر وأوجد المعجزات علی غیر المعروف فی نظام الکون ، ولکن مثل هذا الأمر الذی جاء علی خلاف الأصل لا یقاس علیه ، والسر فی المعجزة ظاهر ، فلا ینافی الحکمة والنظام مجیئها بغیر سبب ، بل ذلک مما اقتضته الحکمة ، ومن فوائده تقریر أن النبوة لا تنال بالاکتساب , ولا یتوصل إلی آیتها بالأسباب ، فإن قیل : إن الحکمة فی الکرامة فی معنی الحکمة فی المعجزة ، نقول : کلا ، فقد کان کلما طال الأمد علی أمة بعد بعثة رسول فیها ، یرسل الله تعالی إلیها رسولا آخر ، فلا یحتاج إلی کرامة الولی لإذعان النفوس وخضوعها لسلطان الدین ، وأما خاتم النبیین فإن معجزته باقیة إلی آخر الزمان ، ومهما منح الأولیاء من الکرامات لا یمنحون مثل القرآن ، وکیف یحتاج القرآن وما تواتر من حالة النبی التی کانت من أعظم الخوارق وأظهرها إلی التعضید بخارقة یجب سترها ؟ هذا ملخص الحجة وما یقال فیها ، وإذا أمکن إثبات الکرامات بدلیل قطعی کالتواتر الصحیح ، أو النص القرآنی الصریح ، فهناک حجة الإثبات الناهضة التی تدع کل حجة علی الإنکار داحضة ، والموعد لبیان هذا الجزء التالی إن شاء الله تعالی ."