خلاصه ماشینی:
"وکل مؤمن بقوة غیبیة یری نفسه ملتجئة إلیها عند اشتداد البأس ، والخطر المشرفبها علی الیأس ، فیدعو صاحب القوة العلیا ، ویستغیث به ، وعند ذلک تفتح فیوجهه أبواب الرجاء ، وتنزل علیه السکینة بعد الاضطراب ، وهذه فائدة کبریللدعاء تتلوها فوائد أظهرها أن الیائس ینقطع عن السعی فإذا اشتد به الضیق فربمایبخع نفسه انتحارا بیده ؛ ولذلک یکثر الانتحار فی قوم لا یؤمنون ، فالرجاء الذییحدثه الالتجاء بالدعاء یعطی المضطر قوة جدیدة ، ویهدیه إلی طرق جدیدة یسلکها فیإعادة السعی حتی ینجو من الخطر ، أو یبلغ بعض الوطر ، ویقول الأستاذ الإمام :قلما وله قلب المؤمن إلی الله تعالی داعیا مخلصا فی حال اضطراریة کهذه إلا وأجابالله دعاه ، وهذا الفرع من الدعاء هو میزان الإیمان ومعیار التوحید الخالص ، فإن اللهتعالی جعل أعمال الإنسان فی الأسباب والمسببات ، فالمؤمن الکامل یذکر الله عند کلسبب ، ویزداد إیمانا بزیادة العلم بالأسباب لما فیها من الحکمة والنظام العجیب ،والغافلون تحجبهم الأسباب عن رؤیة حکمة واضعها وإن کانوا مؤمنین حتی تکونالشدائد هی التی تذکرهم بما تقطع من الأسباب التی یعرفونها ، فیرجعوا إلی من بیدهملکوت کل شیء وواضع کل سبب فیدعوه بإخلاص { فإذا رکبوا فی الفلک دعواالله مخلصین له الدین فلما نجاهم إلی البر إذا هم یشرکون } ( العنکبوت : 65 ) ،وفی آیة أخری : { وإذا غشیهم موج کالظلل دعوا الله مخلصین له الدینفلما نجاهم إلی البر فمنهم مقتصد وما یجحد بآیاتنا إلا کل ختار کفور } ( لقمان : 32 ) ؛ وإنما کان الدعاء فی حالة الاضطرار معیارا للإیمان ؛ لأنمن یعتقد بقوة غیبیة وراء الأسباب لغیر الله تعالی فهو یلجأ إلیه فی تلکالحالة بطبعه ، وینطق لسانه بدعاء صاحبها وندائه ."