خلاصه ماشینی:
"ولیس بعجیب بعد أن کان الجمال الرائع من جملة خصائص العرب أن نجدهممغرمی القلوب بمجالی تجلیاته ، منصرفی الوجوه إلی مشارق أنواره ، ثم لا بدعبعد ذلک إذا وجدنا حب الجمال قد لطف أذواقهم ، وعودهم علی الاستحسان ، ونقلهممن حال إلی حال ، إلی أن تهیأوا لقبول الدعوة التی رقت بهم من هذا الجمال إلیأعلی ، ومن هذا الغرام إلی ما هو أولی ، نقلتهم إلی تصور الجمال الإلهی مصدرکل جمال ، ورقت بهم إلی عشق الکمال المعنوی الذی هو فوق کل کمال ، فلمیصعب علی أولئک الذین شغفهم الجمال المحسوس ، أن یفهموا الجمال المعقول ،وأن یزدادوا نصیبا منه مع نصیبهم من ذاک , ولم یعز علیهم أن ینتقلوا إلی العالمالجدید الذی دعوا إلیه ؛ لأنه تبدی لهم أجمل مما کانوا علیه .
وقد یدرک المجد المؤثل أمثالیوحقا کانت حال القرشیین ناطقة بمثل هذا الکلام ، وکل منهم له فی المجدأرب ، فلا بدع إذا انصرفت أنفسهم إلی تحصیل المال فإنه أعظم أدوات هذاالمطلوب , وقد نجح فیه منهم کثیرون ، ونفعوا بالغنی قومهم عند الشدائد منهم عبد اللهبن جدعان الشهیر بجفنته التی کان یقدمها للفقراء والمساکین من زوار مکة وأهلها ,وقد أمد قومه بالسلاح فی حرب حاربوها ، وسلح مائة کمی من غیر قومه ممن حاربمعهم , وفی هذه الحرب قتل أحد إخوة السیدة ( خدیجة ) العوام أبو الزبیر [13] ,ومنهم أمیة بن خلف بن وهب وابنه صفوان الذی أثر عن النبی (صلی الله علیهوسلم ) أنه قال فیه : ( إن صفوان بن أمیة قنطر فی الجاهلیة وقنطر أبوه ) أی : بلغماله القناطیر [14] , وکثیرون غیر هؤلاء ."