خلاصه ماشینی:
"ذاک أن التحول الرأسمالی فی الدول النامیة یتمیز بأنه یقضی علی السیرورة الداخلیة التاریخیة لهذه الدول،یعیق أو یربک تطورها المنسجم مع بنیاتها الثقافیة الاهلیة لأن العلاقة التاریخیة بین الغرب و المجتمعات النامیة لا ترسو علی استیعاب و احتضان الخصوصیات الثقافیة،بل تستند هذه العلاقة علی استعلاء حضاری و استبعاد و قهر،مما یؤدی إلی تمسک الذات المقهورة بخصوصیاتها و أنماطها السلوکیة،و یحد من التداخل الحضاری اللامتکافیء،الأمر الذی یسهم فی تصدی الثقافة الخاصة لکل محاولات الاستتباع و الإلحاق.
یشترط التحول الرأسمالی و معه التغریب مغایرة عرقیة،و حضاریة و دونیة تقنیة سیاسیة تدیمان السیطرة من قبل الغرب،و تستمد القوی المحلیة مناعتها الثقافیة فی هذا السیاق من ضمن إیدیولوجیة الغرب نفسه فی تعتمد أصلا علی مغایرة ثقافیة سیاسیة لتفسیر عقم الحداثة و عدم فعالیتها.
و إذا کان أفراد الأسرة الواحدة یلتحقون بأطر حزبیة و حرکات سیاسیة متنوعة و متنافرة،نتیجة لآلیة تشابک المصالح السیاسیة و تغایرها،و بسبب تداخل الثقافات المحلیة و الغربیة،إلا أن هذا الالتحاق بالأحزاب المختلفة یعاد تولیفه علی قاعدة الإبقاء علی روابط سلطویة تطیل عمر الأسرة،إنه أشبه«بمناورة»أسرویة لمنع الإخضاع و الانقراض،فیتم توظیف التنافر السیاسی المتعدد الوجوه فی تداول السلطات الذی سیعود عبر التزعم إلی تمتین الأسرة و العائلة و ممانعتها الاجتماعیة.
إذا،استحال خرق التنظیم الأسروی التقلیدی،لأن المجتمع لا یسلم نظامه الموروث دون بدائل واضحة و معقولة أو إذا کان تنظیم الأسرة متمایزا بین المناطق و الفئات و الطوائف،فهو یعمل بطریقة غیر مباشرة علی تأجیج التباعد الثقافی و الاجتماعی بین الأفراد،و یلجم إمکانیات الانصهار الاجتماعی،لأن التغریب الشامل یستحیل إلا بالقوة،فضلا عن أن الغرب لا یرغب فیه بل یریده سلاحا یضرب به محاولات الانصهار الوطنی و یجدد حروب المجتمع الأهلی."