خلاصه ماشینی:
"هذا من ناحیة ومن ناحیة اخری لابد من افتراض هذین الارتباطین بنحو یتناسب مع الرسول ومع الرسالة ؛ أما الارتباط بالرسول فلابد وأن یکون مجردا عن الدوافع الخاصة والمیول والأهواء ، وأما الارتباط بالناس فلابد وأن یعود إلی هدف رسالی ؛ أی کون مودة القربی لها مدخلیة فی هدایة الناس وشؤونهم الدینیة ، وهذا لا یتم إلا إذا کان لذوی القربی شأن دینی ومقام رسالی بنظر الرسالة نفسها لا بحسب أنظارنا نحن ، وهذا الافتراض لا یتم فیما لو کان المراد بذوی القربی جمیع أقرباء الرسول صلیاللهعلیهوآلهوسلم ، بل من تتحقق فیهم أغراض الرسالة ، وهذا لیس نوعا من الفلسفة بحاجة إلی تحلیل ودقة عقلیة لکی نعرف مصادیقه الخارجیة ، بل إن الألف واللام هنا للعهد ، ففیها إشارة لطائفة معروفة ذکرها القرآن فی أکثر من موطن ، فتارة یخاطبهم ب « أهل البیت » ( (78) ) فی آیة التطهیر ، وثانیة ب « ذی القربی » فی آیة « وآت ذا القربی حقه .
وإن أخذنا بصدر کلام الفخر ـ فإنه قال : « ذلک المعصوم إما مجموع الامة أو بعض الامة » ثم ادعی بطلان الشق الثانی ببیان أوهن من بیت العنکبوت ، وکان المتوقع منه أن یختار الشق الأول بعد إبطاله للثانی وهو عصمة مجموع الامة ، إلا أنه فاجأنا بقوله : « وإذا کان الأمر کذلک علمنا أن المعصوم الذی أمر الله المؤمنین بطاعته لیس بعضا من أبعاض الامة ، ولا طائفة من طوائفهم ، ولما بطل هذا وجب أن یکون ذلک المعصوم الذی هو المراد بقوله : « وأولی الأمر »أهل الحل والعقد من الامة » ( (104) ) ـ فمن الواضح أن أهل الحل والعقد لیسوا جمیع الامة بل بعضها ، وهذا عود إلی الشق الثانی الذی ادعی بطلانه .
ونعود إلی الفرضیات التی ذکرها الفخر ، ولم یسلم منها سوی الفرضیة الرابعة ، وهی : أن یکون المعصوم جزءا من الامة منصوبا من قبل الله تعالی ، وقد نصب أهل البیت علیهمالسلام علی لسان النبی صلیاللهعلیهوآلهوسلم ، کما صرحت بذلک الروایات ، ولم یدع أحد العصمة فی قبالهم ."