خلاصه ماشینی:
"الا انه من المؤکد ان هذه الحرب ما کانت لتتصاعد فتنتهی بأن تصبح مربکة للعرب کلهم بدون استثناء لو کان هناک استیعاب من جمیع العرب لحقیقة دور الفکر فی لبنان،اذا ما ضر ان ترتفع علی هذه الارض اللبنانیة، المتفتحة منذ زمن بعید لتیارات فکریة و حضاریة متنوعة و المختبرة لأنواع متعددة من الحیاة أصوات حرة،متقدمة أو محافظة،ثوریة أو لیبرالیة، تسجل علی العرب تخلفا فی السیر أو تسرعا،تخاذلا أو تهورا،تورطک أو تزتا،بل ما ضر أن یلعب الفکر فی هذا البلد بالنسبة للقضیة العربیة ککل الدور الذی تلعبه المعارضة البناءة فی الدولة الدیمقراطیة،أی دور المنبه للخطأ،المذکر بالنقص،المحذر من العثرات،الناظر الی الموضوع،من زوایاه المختلفة،التمسک أبدا بالمقاییس الملتزم دائما بها؟ و المخاطبة الفکریة الواعیة البنانیة و العربیة لجمیع اللبنانیین دون استثناء واجبة لفصل الانعزالی العفوی البریء فی انعزالیته عن الانعزالی المرضی و المتآمر.
لا بد من القول ان التخوف فی جبل لبنان من ذوبان الذاتیة کان ینحصر علی الغالب فی السیاسة فقط،و یتخذ بصوة عامة صفة الرفض لاشکال الاندماج السیاسی فی المحیط الواسع،و لم یکن یتجاوز ذلک ثباتا الی الثقافة العربیة،بل علی العکس کان الجبلی یعوض عن هذا الموقف السیاسی باستغراق فی اللغة العربیة لم نعرف شیئا منه أیام الدولة العثماینة الا فی جبل عامل الذی نجا وحده من المرور فی فترة الانحطاط التاریخیة للغة و الآداب العربیة.
و أبرز النماذج علی الفصل بین العروبة و العربیة فی الجبل یوسف السودا المعروف بأنه الحرکی الالمع و المنظر الاول للتخوف السیاسی من المحیط المسلم،و قد قال عنه بشارة الخوری فی مذکراته«حقائق لبنانیة»، أنه کان فی مصر قبل الحرب العالمیة الاولی رأس مجموعة العاملین لاستقلال لبنان استقلالا ناجزا،و المفارقة هی أن هذا الرجل مات فی أوائل السبعینات فی الثمانین من عمره و هو یؤلف کتابا فی تبسیط النحو."