هکذا فلیکن - مجله المنار مقاله

"رب ناظر فیما کتبنا یعجب أن مستشارا فی محکمة الاستئناف یذهب إلی أوروبا لأداء الامتحان وأخذ الشهادة فی علم الحقوق ، ویحب أن یقف علی شیء من سیرة الرجل العلمیة ، وإننا نشیر إلی مجمل منها بوجیز القول لتکون أسوة للمجدین وحجة علی المقصرین ، فنقول : جاور سعد بک فی الأزهر ، وأخذ من علومه جملة صالحة ، ونهض به من خمول الأزهریین ، إنه صادف أستاذا حکیما نفث فی روعه روح الإقدام والهمة ، وحبب إلیه أن یکون عضوا عاملا فی الأمة ، ألا وهو العلامة الشیخ محمد عبده الشهیر ، فجد الرجل واجتهد ، وارتقی من حرفة المحاماة إلی مرتبة القضاء فی الاستئناف ، ولم یکن هذا کله بالذی یقنعه أو یقف بهمته عن تحصیل المعارف ، تعلم اللغة الفرنساویة بإتقان ودرس فیها علم الحقوق ، وما أدراک ما علم الحقوق ، حتی نال الشهادة التی علمت ، کل هذا ومدرسته بیته ، ولقد بلغ من اجتهاده أنه یدرس فی الیوم واللیلة ست عشرة ساعة إلی ثمانی عشرة ساعة رغما عن کثرة عمله القضائی وغیره ، ولقد اعتراه من کثرة الدرس أرق شدید بقی له لیالی لا یطعم النوم ، فکان یقضی اللیل کله بالمطالعة ، لعمر الحق لو أنجبت الملایین العشرة من المصریین ألف رجل مثل هذا الرجل لنهضوا بمصر نهضة الأبطال ، وأنالوها سعادة الاستقلال ، داحضین بأعمالهم حجة الاحتلال ، فنرحب بالقادم ونهنئه ببلوغ الآمال منشدین قول الشاعر : هکذا هکذا وإلا فلا لا ..."