خلاصه ماشینی:
"أولا : دوائر المعــارف الموضوعیة إن أکثر الکتب والمؤلفات التی یطلق علیها اسم : « الموسوعة أو دائرة المعارف » الی القرن الخامس الهجری ؛ سواء فی العهد الإسلامی أو قبله تندرج فی القسم الأول « دوائر المعارف أو الموسوعات الموضوعیة » حیث کان مدار التألیف والترتیب علی الموضوع ، ولما کان المتقدمون من أرباب المصنفات قبل الإسلام وبعده بشکل خاص لا تنحصر ثقافتهم بعلم أو فن دون آخر ؛ فقد کان کل واحد منهم یعد جامعة من العلوم المتنوعة کما تشهد لذلک آثارهم ، حتی أن المقل منهم أو المنصرف لباب أو بابین من العلم لا یعد ممن یؤخذ منه العلم؛ ( إذ کانت المعرفة فی نظر طلابها کلا واحدا لا یتجزأ یشمل علوم الدین والدنیا ، ویعتبر الکون کله مجالا للبحث والتفکیر والتألیف ، وکان علی طالب الثقافة أن یحفظ القرآن ویحیط بمعانیه ، ویلم بما تیسر له من الحدیث ، ویحفظ ما تیسر له من شعر الجاهلیین والمعاصرین ، ویتمکن من اللغة وتأریخ العرب وأیامهم وعلومهم الأولی کالطب والطبیعی والنبات والأنواء والقیافة وما الی ذلک )( (2) ) وعرف مؤلفوا تلک الآثار بالموسوعیین أو المکثرین .
عینات من دوائر المعارف العالمیة : إن الموسوعیة منهج متجذر فی تأریخ التدوین والکتابة ، حتی أنه یمکن إطلاقها علی جمیع المدونات العلمیة القدیمة ، کما أشار لذلک کلام المحقق الطهرانی رحمهالله المتقدم ، الذی یعتبر من أکابر المختصین والمحققین فی علم وصف الکتب ( الببلوغرافیا ) ، وإنا وإن کانت تدعونا المناسبة لذکر شعاع من تأریخ الموسوعات ودوائر المعارف فی العالم إلا أنها لا تسمح لنا فی الوقت ذاته بالإفاضة فی هذا الموضوع والإلمام بأطرافه ؛ اذ ذاک من مهام المعاجم والمصادر الببلوغرافیة ، فلا یتسع له المجال فی مثل هذا المقال ، ولکن نلمح الی عینات ونماذج مختارة من ذلک بعد أن تحدثنا فی الفصل السابق عن أنواع الموسوعات ودوائر المعارف بشکل عام ."