خلاصه ماشینی:
"(34/45) قال الکاسانی رحمه الله :4 - ( وأما بیان ما یصیر المسافر به مقیما ، فالمسافر یصیر مقیما بوجود الإقامة ، والإقامة تثبت بأربعة أشیاء أحدها صریح نیة الإقامة وهو أن ینوی الإقامة خمسة عشر یوما فی مکان واحد صالح للإقامة فلا بد من أربعة أشیاء نیة الإقامة ونیة مدة الإقامة واتحاد المکان وصلاحیته للإقامة (أما) نیة الإقامة فأمر لا بد منه عندنا حتی لو دخل مصر أو مکث فیه شهرا أو أکثر لانتظار القافلة أو لحاجة أخری یقول أخرج الیوم أو غدا ولم ینو الإقامة لا یصیر مقیما وللشافعی فیه قولان فی قول إذا أقام أکثر مما أقام رسول صلی الله علیه وسلم بتبوک کان (34/45) مقیما وإن لم ینو الإقامة ورسول الله صلی الله علیه وسلم أقام بتبوک تسعة عشر یوما أو عشرین یوما وفی قول إذا أقام أربعة أیام کان مقیما ولا یباح له القصر (احتج) لقوله الأول : إن الإقامة متی وجدت حقیقة ینبغی أن تکمل الصلاة قلت الإقامة أو کثرت لأنها ضد السفر والشیء یبطل بما یضاده إلا أن النبی صلی الله علیه وسلم أقام بتبوک تسعة عشر یوما وقصر الصلاة فترکنا هذا القدر بالنص فنأخذ بالقیاس فیما وراءه ووجه قوله الآخر علی النحو الذی ذکرنا أن القیاس أن یبطل السفر بقلیل الإقامة ، لأن الإقامة قرار والسفر انتقال والشیء ینعدم بما یضاده فینعدم حکمه ضرورة إلا أن قلیل الإقامة لا یمکن اعتباره لأن المسافر لا یخلو عن ذلک عادة فسقط اعتبار القلیل لمکان الضرورة ولا ضرورة فی الکثیر والأربعة فی حد الکثرة لأن أدنی درجات الکثیر أن یکون جمعا والثلاثة وإن کانت جمعا لکنها أقل الجمع فکانت فی حد القلة من وجه فلم تثبت الکثرة المطلقة فإذا صارت أربعة صارت فی حد الکثرة علی الإطلاق لزوال معنی القلة من جمیع الوجوه (ولنا) إجماع الصحابة رضی الله عنهم فإنه روی عن سعد بن أبی وقاص رضی الله عنه أنه أقام بقریة من قری نیسابور شهرین وکان یقصر الصلاة وعن ابن عمر رضی الله عنهما أنه أقام بأذربیجان شهرا وکان یصلی رکعتین وعن علقمة أنه أقام بخوارزم سنتین وکان یقصر وروی عن عمران بن حصین رضی الله عنه أنه قال : « شهدت مع رسول الله صلی الله علیه وسلم عام فتح مکة ، فأقام بمکة ثمان عشرة لیلة لا یصلی إلا الرکعتین ، ثم قال لأهل مکة : صلوا أربعا فإنا قوم سفر » (1) والقیاس بمقابلة النص والإجماع باطل ، وأما مدة الإقامة فأقلها خمسة عشر یوما عندنا وقال مالک والشافعی أقلها أربعة أیام وحجتهما ما ذکرنا وروی أن النبی صلی الله علیه وسلم رخص للمهاجرین المقام بمکة بعد قضاء النسک ثلاثة أیام فهذه إشارة إلی أن الزیادة علی الثلاث توجب حکم الإقامة (ولنا) ما روی عن ابن عباس وابن عمر رضی الله عنهم أنهما قالا : إذا دخلت بلدة وأنت مسافر وفی عزمک أن تقیم بها خمسة عشر یوما فأکمل الصلاة وإن کنت لا تدری متی تظعن فاقصر وهذا باب لا یوصل إلیه__________(1) سنن الترمذی الجمعة (545),سنن أبو داود الصلاة (1229),مسند أحمد بن حنبل (4/432)."