خلاصه ماشینی:
"(34/201) نقص مال من صدقة » ، ولم یکتف الإسلام بذلک بل اشترط أن یفضل المال عن الحاجة الأصلیة للمتصدق ومن یعول وأن یکون المال سالما من الدین المستغرق له أو المنقص للنصاب ، وأن یحول علیه الحول وذلک علی تفصیل ومع توافر شروط أخری لبعض الأموال ، فلیست کل هذه القیود مما تنقص من المال الذی لن یبلغ مقدار الزکاة فیه إلا حدا محددا یذهب بکل أقاویل أعداء الإسلام (1) ، فإن المزکی "یعطی من فضل ماله قلیلا من کثیر" (2) ، أی أن الإنسان لا یزکی إلا بجزء منها فاض عن حاجته الأصلیة ، وقد فسر ابن عباس رضی الله عنهما کلمة العفو فی قوله تعالی: { ویسألونک ماذا ینفقون قل العفو } (3) بقوله "العفو ما یفضل عن أهلک " (4) قد روی الإمام أحمد فی مسنده عن أبی هریرة أن رسول الله صلی الله علیه وسلم قال « إنما الصدقة عن فضل غنی » (5) وفی روایة « لا صدقة إلا عن ظهر غنی » (6) ومعنی ذلک أن الله تعالی "جلت حکمته جعل وعاء الإنفاق ما زاد عن الکفاف وما فضل عن الحاجة .
وحسب الحج ، بهذه المثابة ، أن الله سبحانه وتعالی قد جعله قیاما للناس ، فیه تقوم أمور دینهم ودنیاهم ، کما أن الحج مبنی علی توحید الله الذی هو أصل الأصول کلها (6) , ولذا یبدأ بالتلبیة ، التی هی دلیل التزام العبودیة لله تعالی ، من خلال نفس اطمأنت إلی شرع ربها ، فانشرح به صدرها ، وأثبتت جمیع المحامد وأنواع الثناء لبارئها ، وهکذا ینفی المسلم عن ربه العظیم أن یکون له شریک فی ألوهیته وربوبیته وأسمائه وصفاته ، وبذلک یحظی المسلم بالوصول__________(1) سورة الحج الآیة 27(2) سورة الحج الآیة 28(3) سورة الحج، الآیتان 27، 28؛ وانظر تهذیب موعظة المؤمنین م إحیاء علوم الدین للإمام الغزالی المرجع السابق، ص 41 وما بعدها."