خلاصه ماشینی:
"اما النظم الوضعیة،و المبادیء البشریة،فهی و ان دعت لمکارم الأخلاق،و بذلت جهدا لإقبالهم علیها،و تمسکهم بها،إلا انها فشلت فی میدان التطبیق،حاسرة خاسرة،لانها: أولا:أعطت الناس حریة مطلقة،دون ضوابط و حدود لاتعدل من افراطها،و تحد من اسرافها،فأحدثت-نتیجة ذلک-طبقة مترفة، و أخری محرومة، فکان من ذلک،فساد الاخلاق -و هل فسادها إلامنه؟-و سار المجتمع منحرفا عن الخط القویم و الصراط المستقیم فأنی لهم تأصیل الاخلاق الحمیدة فی نفوس الأمة و قد مهدت لها سبل الانحراف و منافذ الدمار و الحزاب، و هل هذا منها إلا محاولة الجمع بین النقیضین؟و التوحید بین المتعارضین؟ و هم علی هذه الحال فی تفکیر هم الجماعی، قائمون علی قهر الشعوب الضعیفة و استعبادها، و امتلاک نفوسها و استرفاقها،و احکام قبضتهم فی خناقها،فدعوتهم لاصلاح مجتمعهم،و غرس الفضائل فی نفوسهم-و الحال هذه-تناقض بین، کمن یؤدب قطة علی سلوک،و فی ذات الوقت یضع أمامها-بعد اجاعتها-فأرة و یطلب منها الالتزام بذلک السلوک،أو کقول الشاعر: ألقاه فی الیم مکتوفا و قال له إیاکإیاک أن تبتل بالماء ثانیا:إن ادامة الأخلاق الکریمة،و الحفاظ علیها،و التزام النفوس بها،و توجیه الطموحات علی أساسها،تحتاج لوسیلة تحققها و ضامن یضمنها، و لیس فی تلک المابدیء الأرضیة،هذه الوسیلة، و ذلک الضامن،کما عند الاسلام،فقد رکز فی نفوس اتباعه جانبین مهمین: الأول:هو الایمان بالله الاحد،العالم بالسرائر، ذی الصفات الحمیدة التی تتقوم بها النفوس، کالعدل و الرحمة،و الکرم و المغفرة،وحبه الخیر و بغضه للشر،و مجازاة الناس فی الآخرة،وفق اعمالهم،مما یجعل المسلم یحذر غضبه،و یتصدی لرضاه فی السرو العلن،و الرضا و الغضب،و فی الأحوال المتناقضة کلها،فاذا زاغ تذکر فأب، و استغفر و تاب."