خلاصه ماشینی:
"لقد حصل هنا نتیجة الصراع الدائر حوله-أی الایدیولوجیا-نوع من التضارب و التداخل یمکننا حصرها فیما یلی: آ-من حیث المحتوی:جاء التضارب و التداخل هنا فی اعتبارها تصورا محیطیا جعل الآیدیولوجیا تشمل کل النتاجات الثقافیة و الروحیة فی المجتمع و التی تشکل بدورها الاطار المعنوی أو الروحی للحیاة الاجتماعیة برمتها.
نعود هنا لنأکد حقیقة جوهریة،هی،ان المشکلة الاساسیة التی ظل یعانی منها مصطلح أو مفهوم الآیدیولوجیا،لا یعود برأینا الی سعة مدلوله و تنوع استعمالاته،ثم لکونه مفهوما تتزاحمه المصطلحات العدیدة و المتقاربة،(ذهنیة،عقیدیة،اثنیة،مذهبیة،أو منظومات فکریة أو سیاسیة أو ثقافیة فحسب)،بمقدار ما جاء التعقید هنا من خلال طبیعة الحامل الاجتماعی الذی یتعامل معه،ثم دور هذا الحامل الاجتماعی فی رسم حدود هذا المفهوم الایجابیة،أو العمل علی تشویهه و تمییعه،و السعی الدائم لإفراغه من مضامینه الانسانیة،ذات التوجهات العقلانیة و التقدمیة.
مع وصول الطبقة البور جوازیة الی السلطة و تطور الثورة الصناعیة فی النصف الثانی من القرن التاسع عشر،و ما أفرزته هذه الثورة من نتائج اجتماعیة و سیاسیة و ثقافیة،و ما تضمنته هذه النتائج من دلالات تشیر الی حالة الصراع الذی کان یدور بین الطبقة الرأسمالیة و الملاکین الکبار،من جهة،و بین جماهیر الشغیلة الذین سحقتهم طبیعة العلاقات الرأسمالیة من جهة ثانیة،راح موضوع الفکر و الوعی عموما یبرز بشکل أکثر وضوحا عند (مارکس و انجلز»،و فیما بعد«لینین».
و خاصة فی کونها تشکل کما بینا قبل قلیل،الملاط أو الاسمنت الذی یشد الفرد الی الکتلة مع بعضهم من أجل الحفاظ علی مصالح قائمة،أو السعی لتحقیق أهداف مرسومة مستقبلیة،-بغض النظر هنا عن طبیعة هذه الأهداف،أو المصالح،و عن القوی الطبقیة القائمة وراء هذه الأهداف- فان الایدیولوجیا لا تجد ذاتها حقیقیة الا من خلال وظیفتها السیاسیة."