خلاصه ماشینی:
"أما البعد العلمی، فهو اتباع هوی عامة الناس، وهی المعضلة التی یعتبرها الشیخ المطهری أخطر من السیل ومن لدغة العقرب؛ إذ تجعل هذه الآفة المؤسسة الدینیة ورجال الدین أتباعا للناس بدل أن یکونوا روادهم، ولا تسمح لهم بطرق کل باب، کما تصور کل فکرة جدیدة علی أنها بدعة وشبهة، وتحرم الجمیع ـ سواء رجال الدین أم عامة الناس ـ من التطور والتکامل، نعم فخر للإنسان أن یکون إلی جانب عامة الناس، لکن ما الفخر فی تبعیتهم؟ أعلم أن هذا الکلام سیکون مدعاة لغضب الکثیرین، لکننی أقول <الحق المر> محبة بهم، ولا أرید إلا الإصلاح، ولا أطلب سوی رضا الله؛ فلم لا تتخذ المؤسسة الدینیة موقفا تجاه کل هذه التفاهات والتهاترات والخرافات التی تتردد علی المنابر وترد فی الکتب، ولا ثمرة لها سوی ترویج التدین الخرافی؟ فی حین نجد کل هذا الانفعال تجاه القلة التی ترید تنقیح الدین من الخرافات!
ما الذی فعلته المؤسسة الدینیة لتنقیح الکتب الروائیة؟ لو جمعنا بعض الروایات ونشرناها فی کتاب سیکون أکثر الکتب عداء للدین والثوریة؛ فلم لا ینقد علماء المؤسسة الدینیة هذه الروایات؟ لا أقصد التصرف بها دون إذن من مؤلفها، فمهما کانت قیمتها التاریخیة وکشفت للناس العقل الدینی فی فترة من الفترات، یجب أن تبقی علی ما هی علیه، فقد اعتقد الناس بها وأحیانا عملوا بها، لکن إذا لم تکن المؤسسة الدینیة مؤمنة بها الیوم فلم لا تنقدها وتنقحها؟ وأی عمل أهم من ذلک، یشغلها عنه؟ لقد أدی القدماء ما علیهم، فلم لا یؤدی أهل هذا العصر ما علیهم؟ هل الاهتمام بالخطابة والتعامل مع عامة الناس سلبهم قدرة القیام بذلک؟ راجعوا ـ مثلا ـ کتاب <مفاتیح الجنان>، هل من عالم واحد الیوم فی المؤسسة الدینیة یعتقد بأن سبب ألم الأسنان وجود حشرة فیها، ویجب الدعاء لخروج تلک الحشرة لتسکین الألم؟!"