خلاصه ماشینی:
"فقه النزاعات المسلحة فی الداخل الإسلامی( 1 *) حیدر حب الله تعرض الفقه الإسلامی منذ سنواته الأولی لفقه الصراع المسلح فی الداخل الإسلامی، وذلک تحت عنوان فقه البغی، استنادا إلی الآیة الشریفة، وهی قوله تعالی: {وإن طائفتان من المؤمنین اقتتلوا فأصلحوا بینهما فإن بغت إحداهما علی الأخری فقاتلوا التی تبغی حتی تفیء إلی أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بینهما بالعدل وأقسطوا إن الله یحب المقسطین} (الحجرات: 9).
ولعل السبب فی تماهی مفهوم جهاد أهل البغی مع ثنائی (السلطة والمعارضة) هو أن الذی یبدو من تضاعیف الفقه الإسلامی ومصادره القدیمة أن التجربة العلویة شکلت المصدر الرئیس لأحکام فقه البغاة، کما یبین ذلک العلامة الحلی(726هـ) فی بعض کتبه (انظر: تذکرة الفقهاء 9: 392)؛ حیث اعتقد بعض الفقهاء أن فقه أهل البغی لا یؤخذ من الآیة الکریمة، ولا من أکثر النصوص الحدیثیة الواردة فی هذا الموضوع، وإنما یعرف من سیرة الإمام علی بن أبی طالب فی هذا المجال، بل قد نقل عن الإمام محمد بن إدریس الشافعی(204هـ) أنه کان یری أننا لم نعرف فقه أهل البغی إلا من خلال سیرة الإمام علی.
وهذا التفکیک یضعنا أمام صورة فقهیة تکاد تتضح أکثر فأکثر، وهی أن لبعض الفقهاء ـ مثل: السید الخوئی ـ اصطلاحین فی أهل البغی: أحدهما: المفهوم العام للتقاتل الداخل ـ إسلامی، والمأخوذة أحکامه من الآیة القرآنیة الکریمة؛ وثانیهما: المفهوم الخاص للبغی، وهو الخروج علی الإمام؛ وأن الأحکام التفصیلیة التی ذکرت للحرب مع البغاة، مثل: التعامل مع جرحاهم وأسراهم وأموالهم وغنائمهم ونحو ذلک، راجع إلی البغی بالمعنی الثانی، لا الأول، وهذا ما جعل سیرة الإمام علی× المستند الرئیس فی الفقه المدرسی لأخذ أحکام البغاة."