مصباح الولایة فی العبادة مقاله

مصباح الولایة: فی العبادة إن العبادة هی الحالة التی یتوجه فیه الإنسان باطنیاً نحو الحقیقة التی أبدعته، ویری نفسه فی قبضة قداستها وملوکتها ویشعر أنه محتاج إلیها... وهی فی الواقع سیر الإنسان من الخلق نحو الخالق، وبغض النظر عن کل فائدة یمکن أن تکون فیها فهی نفسها من الحاجات الروحیة للإنسان... وعدم القیام بها یؤدی إلی حدوث خلل فی توازنه، وأذکر مثالاً بسیطاً علی عدم التوازن بالخرج الذی یوضع علی ظهر الحیوان، فإن هذا الخرج یجب أن یکون متوازناً من طرفیه دون رجحان طرف علی الآخر.. إن فی وجود الإنسان فراغاً یستوعب کثیراً من الأشیاء، وکل حاجة لا تشبع تؤدی إلی الاضطراب وفقدان التوازن فی روحه، فلو أراد الإنسان أن یقضی عمره بالعبادة تارکاً الممارسات الحیاتیة الأخری، ومعرضاً عن تلبیة حاجاته المتنوعة فإن هذا سوف یبعث علی اضطرابه، وامتعاضه، والعکس هو الصحیح أی: إذا رکض الإنسان لاهثاً وراء المادیات فقط دون الاهتمام بالمعنویات والقضایا الروحیة فسوف لن تقر لروحه قرار، وتظل روحه فی عذاب دائم. إن العبادة حاجة ماسة للإنسان ولا بد له منها، وما الأمراض النفسیة المتفشیة فی عالم الیوم إلا بسبب إعراض الناس عن العبادة، ولعلنا لم نحسب لها حسابها ولکنها حقیقة جلیة، والصلاة. طبیب موجود فی کل وقت، أی: إذا کانت الریاضة مفیدة للصحة، وکان الماء الصافی ضروریاً لکل بیت، والهواء النقی ضروریاً لکل إنسان وکذلک الغذاء السلیم، فالصلاة ضروریة أیضاً لصحة الإنسان کضرورة تلک الأشیاء وفائدتها... ولعلکم غافلون عن أن الإنسان لو خصص ساعة من وقته لمناجاة ربه لرأی کم تطهر روحه وتصفو، وکم تفیض علیه هذه المناجاة من نقاء وصفاء واطمئنان، وتضمحلّ کل المفردات الروحیة المؤذیة التی قد یتعرض لها الإنسان.