خلاصه ماشینی:
ونفس الطفل فی أول الأمر کصفحة قرطاس بلا نقش ولا صورة، فهو یتقبل کل نقش بسهولة ویسر، وإذا قبلها فزوالها لیس بمیسور، کما هو مشاهد حیث إن المعلومات أو الأخلاق التی حصلت فی أول الصبا هی باقیة وثابتة إلی آخر الکهولة، وقلّما یتطرّق إلیها النسیان.
کان تحصیل السعادة أیسر وأسهل، واستقرارها أکثر؛ لأنّ صحیفة النَّفس تکون خالیة من النقوش، وأقرب إلی البساطة بحیث لو وصل صاحب الأخلاق السیئة إلی هذه المرحلة من العمر وعاداته وأعماله القبیحة لم تستحکم بعدُ فی نفسه، فهو یستطیع تصفیة نفسه وتزکیتها بمقدار من المراقبة والمواظبة، فیقلع جذور الأخلاق السیئة کما یقلع شجرة حدیثة الغرس لیس لها جذور فی الأرض، فتقلع بسهولة، ولکن إذا مضت علیها مدة من التساهل، ولم یکن الإنسان فی صدد الإصلاح، وقطع مادة الفساد، فإن شجرة الفساد تنمو بالتّدریج، وتصبح شجرة عظیمة، وتتأصَّل جذورها فی أرض القلب، بحیث یندر أن یوفَّق الإنسان إلی تصفیتها فی الأزمان الطویلة، وبالریاضات الکثیرة.