نور روح الله: البلاء دواء إلهی لمرض حب الدنیا مقاله

وکلما توفرت وسائل العیش، والعشرة والراحة بشکل أوفی، أصبحت دوحة التعلق بالدنیا أقوی، وکلما أقبلت النفس علی الدنیا أکثر، کلما کانت غفلته عن الحق وعالم الآخرة أکثر. فإن نفس الإنسان إذا رکنت إلی الدنیا کلیاً وصار توجهها مادیاً ودنیویاً، انصرف عن الحق المتعال ودار الکرامة نهائیاً و« أخلد إلی الأرض واتّبع هواه »(الأعراف176/) فالانهماک فی بحر اللذائذ والمشتهیات یصرف الإنسان إلی حبّ‌ِ الدنیا من دون اختیار، وحب الدنیا یوجب النفور عن غیرها، والإقبال علی الملک المادیات یسبب الغفلة عن الملکوت عالم الغیب وکذلک العکس فلو أن الإنسان استاء من شیء وشعر ببشاعته، استدعت صورة ذلک الشیء الکراهیة والنفور، وکلما کانت تلک الصورة فی النفس أقوی کان النفور والانزجار أکثر. ولما کان الخواص من العباد لا یعرفون ملجأ إلا الحق، توجهوا نحوه، وانقطعوا إلی مقامه المقدس، وإن الحق المتعال یوفر لهم سبب الانقطاع إلیه من خلال عنایته الخاصة بهم.