نور روح الله: الدنیا دار بلاء لا دار جزاء متفرقه

نور روح الله : الدنیا دار بلاء لا دار جزاء إعلم أنّ هذا العالم الدنیوی لما فیه من النقص والقصور والضعف لا یکون دار کرامة ولا محلاًّ لثواب الحقّ سبحانه ولا محلاًّ لعذابه وعقابه، لأنّ دار کرامة الحقّ عزّ وجلّ عالم تکون نعمه خالصة وغیر مشوبة بالنقم، وراحته غیر مخلوطة بالشقاء والتعب. وکل واحد من الآلام والأسقام والشقاء والمحن فی هذا العالم لا یکون محضاً وغیر مشوب بنعمة ورحمة، فإنّ مادّة هذا العالم تتمرّد علی قبول العذاب الخالص المطلق. وقد أشیر إلی بعض ما ذکرنا فی الحدیث الشریف الذی شرحناه عندما یقول: "وَذَلِکَ السبب فی ابتلاء المؤمن بالبلیّات - أَنَّ اللَّ‌ًهَ لَمْ یَجْعَلِ الدُّنْیَا ثواباً لِمُؤْمِنٍ وَلاَ عُقُوبَةً لِکَافِرٍ" إنّ هنا - عالم الدنیا - دار تکلیف، ومزرعة الآخرة، وعالم الکسب. إنّ الذین یتوقعون من الحقّ سبحانه أن ینتقم فی هذا العالم من کل مرتکب معصیة أو فاحشة أو جور أو اعتداء، بأن یضع - عزّ وجلّ - حدّاً له، فیقطع یده، ویقلع العاصی من الوجود، إنهم غافلون عن أن مثل هذا العقاب خلاف النظم والسُّنَّة الإلهیة التی أقرّها الله سبحانه.