حکمة الأمیر: المصیر بین المکاره و الشهوات مقاله

وهنا نتساءل: هل یمکن الجمع بین الوصول إلی النعیم الأخروی والسعادة الخالدة، والانغماس فی اللذائذ الدنیویة والشهوات المادیة، أم أنَّ الجمع بینهما خطأ کبیر؟ یجیبنا عن ذلک ما نقله الإمام علی(علیه السلام) عن الرسول الأکرم(ص) من أنّ الجنّة حفّت بالمکاره وأنَّ النار حفّت بالشّهوات. أمّا المقصود من کلام الرسول الأکرم(ص) والإمام أمیر المؤمنین(علیه السلام) فهو تقدیم قاعدة کلیة یریدان من خلالها أن یبیِّنا لأتباع فریق الحقّ أن یکونوا علی استعداد لتحمّل المشقات والصعاب فی سبیل الوصول إلی الکمال والسعادة. هنا تجب الإشارة إلی أنَّ الصعوبات والشدائد التی ترافق الوصول إلی السعادة هی فی الواقع للمبتدئین بسلوک هذا الطریق ومن هم فی أوَّله، أمَّا من قضی مدَّة فی هذا الطریق وذاق حلاوة السعادة الحقیقیة واطَّلع علی کراهة الأهواء الزائلة فتصبح لدیه کراهة واشمئزاز للأهواء واللذائذ المادیة وإقبال علی سلوک الحق. ولو تحمَّلنا الصعوبات فی سبیل الوصول إلی النعیم وابتعدنا عن الشهوات والأهواء التی لا توصل إلا إلی الجحیم، فإنَّنا سنتذوَّق حلاوة هذا الطریق ونقترب أکثر من أمیر المؤمنین(علیه السلام).