چکیده:
عام 2001م أطلق علیه اسم عام حوار الحضارات، وحوار الحضارات لیس مشروع عام واحد،
بل هو مشروع مستقبل البشریة علی امتداده، من هنا لابد من اغتنام الفرصة لدفع مسیرة
الحوار نحو أهداف
محددة تعود بالخیر علی البشریة عامة وعلی أمتنا بصورة خاصة، وتبعد الحوار عما لا
طائل تحته، وعما یدخلنا فی شکلیات، وفی ثرثرة جوفاء، وفی بطر فکری ابتلیت به معظم
النخبة المثقفة من أمتنا، فانتفخت وتعالت وجلست فی أبراج عاجیة بعیدة عن الواقع
المعاش، وعن نفسیة الأمة ومزیجها الفکری والحضاری، وعن آمالها وآلامه.
خلاصه ماشینی:
"لکننا إذا عدنا الی الهدف الاساسی لحوار الحضارات، وأول هذه الأهداف تبیین حقیقة موقف حضاراتنا من الآخر، وهو موقف قائم علی أساس (یستمعون القول) وعدم إلغاء الآخر: (وإنا أو إیاکم لعلی هدی أو فی ضلال مبین)، ودعوته إلی المشترکات: (إلی کلمة سواء بیننا وبینکم).
أولویات الحوار ذکرنا أن مسألة تبیین حقیقة الموقف الإسلامی من الرأی الآخر ضرورة هامة من ضرورات الحوار الحضاری، خاصة فی ظل الظروف الداخلیة التی أعطت صورة غیر صحیحة عن الإسلام نتیجة بعض التصرفات المتطرفة بین المذاهب أو التیارات، حتی شاع سلاح التکفیر والتفسیق والإلغاء والإسقاط، وهذا کله نتیجة غیاب ثقافة أدب الحوار، ونتیجة غیاب التربیة الإسلامیة الصحیحة للسلوک والعقل علی أساس الحجة والبرهان والدلیل والموعظة الحسنة والمناقشة بالتی هی أحسن.
وفی مسیرة الإعداد لهذا الحوار جدیر بنا أن نستعرض تاریخنا لدن التطبیق العملی للحضارة الإسلامیة فی موقفها من الأدیان الأخری ومن أفکار الآخرین، ففی هذا الاستعراض سنری الاتجاه العام للمجتمعات الإسلامیة ینحو منحی التعایش السلمی مع الأدیان علی قاعدة من احترام الإنسان وتکریمه، ومنحی الانفتاح علی أفکار الآخرین وترجمتها وأخذ المفید منها، ومنحی إتاحة الفرصة للتیارات والمدارس المختلفة لأن تعبر عن رأیها بحریة، ولأن تشهد الساحة نقاشا علمیا جادا فی مختلف شؤون المعرفة الدینیة والدنیویة.
هذه الأسئلة وغیرها تستطیع أن تکون محور بحث ودراسة ضمن إطار حوار الحضارات، ولا نتوقع من عام واحد أن یجیب علیها، أو أن یقضی علی الصراع الدامی الطویل فی تاریخ البشریة، بل یمکن لهذا العام - إن أحسنا استثماره ومواصلته - أن یسجل فی التاریخ صفحة مشرقة من فصول ستتوالی لکتاب آخر یشهد علی الموقف الإنسانی للحضارة الإسلامیة والدین الإلهی."