چکیده:
قد عنی النقّاد العرب القدامی والمعاصرون بالشعر عنایةً بالغةً، ووضعوا له مفهوماً یختلف مِن ناقد إلی آخر. ومن النقّاد من تناول هذه القضیة برؤیةٍ جدیدةٍ وهو أحمد الشایب الذی له دورٌ متمیّزٌ فی تطوّر النقد العربی المعاصر. وعلی ذلک، یهدف هذا المقال وبمنهج وصفیّ- تحلیلی إلی دراسة المواقف النقدیة لهذا الناقد حول تعریف الشعر وعناصره فی إطار کتابه «أصول النقد الأدبی». ولهذا البحث ضرورة لأنَّ الشایب قد حاول أن یبنی النقد علی أساسٍ علمیّ وموضوعیّ. وإضافة إلی ذلک، لم یدرس الباحثون هذا الکتاب ومواقفه النقدیة فیه. تشیر نتائج الدراسة إلی أنَّ الشعر - عند الشایب - وسیلةٌ للتعبیر عمّا فی النّفس من فکَر ومشاعر، ومن أهمّ وظائفها تصویر حیاة الناس ومشاکلهم. یعتقد هذا الناقد أنَّ النظم یجب أن یجری فی المفردات والجمل فی صیاغة الشعر. واللفظ عنده وسیلةٌ للتعبیر عن المعنی، والصُّورة الشعریة عنده تطلق علی الوسائل الفنّیة التی یحاول بها الشاعر نقل فکرته وعاطفته إلی القرّاء، معتقدا علی أنَّها ترتبط بعناصر أخری من مثل المعانی، والألفاظ، والموسیقی. کما لم یغفل الشایب عن العاطفة ومقاییسها المختلفة، والموسیقی الخارجیة للشعر، مرکّزا علی أنَّ أهمیّتها تظهر فی إبراز المعنی.
خلاصه ماشینی:
کما یبدو أن الجدد والمعاصرین لم یغفلوا عن دراسة عناصر الشعر، وذهبوا إلی أنها تتمثل فی التجربة الشعریة، والموسیقی، والخیال، والصورة الشعریة، والوحدة، والفکرة(خفاجی، 1995م: 24)؛ ومن النقاد المعاصرین من تطرق إلی الشعر وعناصره برؤیة شاملة تجدر بالدراسة والتحلیل وهو أحمد الشایب(1896م)؛ واعتبارا لمواقف الشایب فی نقد الشعر، نحاول فی هذا المقال أن ندرس تعریف الشعر وعناصره من منظوره فی إطار کتابه «أصول النقد الأدبی».
خلفیة البحث فیما نعلم لم یوجد لحد الآن دراسة تتناول المواقف النقدیة لأحمد الشایب، وهناک دراسة قامت بترجمة قسم من کتابه «أصول النقد الأدبی»، والمترجم هو رحیم طاهر(1377ش) بإشراف محمود عابدی، مستنتجا أن ذلک الناقد قد عرض مفهوما کاملا عن الشعر ونقده، ومن الملاحظ أن قیمة هذه الرسالة ترجع إلی الترجمة، وإن مؤلفها لم یتطرق إلی مفهوم الشعر عند أحمد الشایب ولم یدرس مواقفه النقدیة.
قضیة الصورة الشعریة «الصورة» لغة بمعنی الشکل، جمعه «صور» و«صور»، ویقال: قد صوره فتصور، وتصورت الشیء بمعنی توهمت صورته(ابن منظور، 1363ش: مادة صور)، ولعل الصورة من أکثر الموضوعات التی شغلت النقاد والباحثین إذ ان الصورة الشعریة هی البؤرة التی یرتکز علیها النص الشعری وقد تعددت التعریفات للصورة ومما یلفت النظر أن الصورة من أبرز العناصر الجمالیة للشعر عند الشایب بحیث یعتقد أن «الأدب القوی الخالد یقوم علی القدرة البیانیة المتجلیة فی الصور الأدبیة»(الشایب، 1994م: 242)؛ ونحن نوافقه فی هذه القضیة لأن الصورة الشعریة واحدة من أهم الأدوات التی یستخدمها الشاعر فی بناء قصیدته وتجسید الأبعاد المختلفة لرؤیته الشعریة فبواسطة الصورة یشکل الشاعر احاسیسه وافکاره وخواطره فی شکل فنی محسوس وبواسطتها یصور رؤیته الخالصة للوجود والعلاقات الخفیة بین عناصره وأن الصورة الشعریة تطلق علی «الوسائل الفنیة التی یحاول بها الأدیب نقل فکرته وعاطفته معا إلی قرائه أو سامعیه»(المصدر نفسه: 242).