خلاصه ماشینی:
وفي نفس هذا الاتجاه ذهب بعض المؤلِّفين المعاصرين إلى القول: «إن الله سبحانه وتعالى لم ينزل الدين أوّلاً وبالذات لتنظيم أمور هذا العالم وإدارة الشؤون المعاشية للحيارى والمساكين في هذه الدنيا، وإنما تقوم التعاليم الدينية في الأساس على تنظيم الحياة والمعيشة والسعادة الأخروية»( 13 ).
وهناك في نهج البلاغة، ونهج الفصاحة، والحكم والروايات المأثورة عن النبيّ الأكرم| وعن الأئمّة^، اهتمامٌ بجميع العلاقات وتقاليد الحياة تقريباً، حيث اشتملت خطب وكتب الإمام عليّ× في نهج البلاغة ـ بالإضافة إلى معرفة الله والدين والتربية والتعليم ـ على اهتمامٍ خاصّ بالأخلاق والعلاقات الاجتماعية وشؤون الحكم وإدارة الدولة.
ومن خلال هذه الرؤية يمكن ملاحظة الشاهد التالي: بالنظر إلى اختلاف فهم النصوص الدينية قدَّم فقهاء الإمامية ـ في خصوص رأي الإسلام في ما يتعلّق بالحكومة في عصر الغيبة ـ رؤيتين مختلفتين: حيث ذهبت طائفةٌ، على أساس المباني الكلامية، إلى القول بضرورة إقامة الحكومة، وقالوا في تفسيرهم: إن مفردة الحاكم تشمل الفقيه أيضاً.
إن أنصار هذه الرؤية يقولون بأن الإسلام يحتوي على مثل هذا النظام الحكومي الذي وضع جميع الأحكام الاجتماعية، وإن الحاكم الإسلامي ليس سوى منفِّذ لتلك التشريعات، ولا يحقّ له أن يشرِّع القوانين من عنده.
وقد ذهب سماحته إلى الاعتقاد بأن الوليّ الفقيه هو الذي يتولى في عصر الغيبة أعباء تشكيل الحكومة وتنفيذ الأحكام الإسلامية، ويتكفّل بجميع صلاحيات الأنبياء والأئمّة الأطهار^، وقال في ذلك: «إذا نهض بأمر تشكيل الحكومة فقيهٌ عالم عادل فإنه يلي من أمور المجتمع ما كان يليه النبيّ| منهم، ووجب على الناس أن يسمعوا له ويطيعوا.