خلاصه ماشینی:
وبطبيعة الحال إن اتساع دائرة الفقه لتشمل الأخلاق، والنظر إلى الأبحاث الأخلاقية من زاويةٍ فقهية، لا يعني إلغاء علم الأخلاق، وإدخال جميع الأبحاث الأخلاقية ضمن مجال الفقه، وبحثها من زاوية التكليف فقط؛ بل إن معنى هذه التوسعة هي أن علم الفقه؛ من خلال دخوله إلى دائرة الأخلاق، يتكفّل بالناحية الحقوقية والتكليفية للموضوعات الأخلاقية، ويبيِّن الوظيفة الشرعية للأفراد في كلٍّ من هذه الموضوعات، مع الإبقاء على الناحية القِيَميّة لهذه المسائل وتهذيب النفس في موضعها الخاصّ المتمثِّل بعلم الأخلاق.
إن الفقه من خلال دخوله في مجال الأخلاق إنما يبحث الناحية الحقوقية والتكليفية لهذا الموضوع، وبالاستناد إلى الآيات والروايات يحكم بحرمة الغيبة في أغلب الموارد، وأن على المكلّف أن لا يرتكب الغيبة، وقد تجوز الغيبة أو تجب في بعض الموارد؛ حيث يقوم المكلّف باغتياب شخصٍ في جميع المواطن أو عند بعض الأشخاص، إلاّ أن الناحية القِيَميّة للغيبة وارتباطها بتهذيب النفس يبقى داخلاً في علم الأخلاق، وإن علماء الأخلاق يواصلون بحث هذه الظاهرة ودراستها من الناحية الأخلاقية، من قبيل: إن الغيبة من الرذائل الأخلاقية، وإنها تدخل ضمن الأمراض النفسية التي تؤدّي إلى تدنيس النفس، وتحول دون تكامل الإنسان، ويعملون على بيان ما هي الآثار والتداعيات المترتِّبة على الغيبة؟ وما هي الطرق التي تؤدّي إلى ترك الغيبة وعلاجها؟ إن هذا الأمر، بالإضافة إلى أنه يؤدّي إلى زيادة وَعْي الأفراد بالموقف الدقيق للإسلام في ما يتعلّق بالموضوعات الأخلاقية، يشتمل كذلك على الكثير من الفوائد الأخرى للأفراد والمجتمع، وسوف نشير إلى هذه الفوائد لاحقاً.