خلاصه ماشینی:
"ماهیة القاعدة القانونیة وحقیقة المسألة الشرعیة بصیاغتها الحقوقیة اتضح فی المقدمة أن ذات « القاعدة القانونیة » فی تعابیر رجال القانون تعادل مصطلحی « الحکم الشرعی » أو « المسألة الشرعیة » فی عبائر فقهاء الشریعة الإسلامیة ، فمن حیث الماهیة لا فرق بین الاثنین وإن ظل الاختلاف قائما فی المبادئ والمصادر والأهداف والنزعة والنطاق ، الأمر الذی یجعل المقارنة فی هذه الجوانب نافعة للحقوقی والفقیه علی السواء : فالأول یطلع من خلال الدراسة والتأمل علی آفاق واسعة یحتاجها فی تقنینه لتنظیم شؤون الحیاة ، وتحقیق الأمن والسلام والرفاه والعدالة والسعادة .
فالعقاب أو الجزاء أمر خارج عن القاعدة وهو غیر الإلزام ، فضمان احترام القاعدة النابع من إلزامیتها ربما یحصل اختیارا وعلی أساس القناعة الإرادیة الحرة لضرورة تلک القاعدة ، أو إجباریا عن طریق التهدید بالجزاء لکل من یمتنع عن تنفیذ تلک القواعد ، فلغة القانون لیست هی لغة النصیحة والرجاء إن شاء الأفراد اتبعوها وإن شاؤوا أهملوها ، ومن هنا یأتی الخطاب القانونی دائما وأبدا بصورة أوامر صادرة من سلطة علیا ، فالأمر ـ وهو طلب العالی من الدانی علی سبیل العلو أو الاستعلاء ـ واجب التنفیذ ، بخلاف الالتماس ؛ وهو طلب المثل من المثل علی سبیل المساواة ، إذا الخطاب القانونی خطاب أمری ولیس خطابا استدعائیا ، وهذا هو حقیقة الإلزام فی القاعدة القانونیة .
المطلب الثانی : الإلزام والجزاء علی مخالفة القاعدة القانونیة : أولا ـ الفصل بین الإلزام والجزاء : الاعتقاد بوجود قواعد قانونیة غیر متوفر فیها جزاء مادی معین علی نحو ما رأینا بالنسبة لما یسمی بالقواعد المکملة من شأنه أن یؤدی إلی الفصل بین إلزام قواعد القانون وبین الجزاء ، وهذا ما توصلت إلیه الدراسات الحدیثة من أن الجزاء المادی یعتبر أمرا خارجا عن حقیقة القاعدة القانونیة التی یتصل بها ومضافا إلیها ."