خلاصه ماشینی:
"یتضح مما تقدم ان الحیدر آبادی کان یری ان القبائل العربیة سواء أکانت قبائل حضریة مستقرة علی اقلیم معین من الارض أم کانت قبائل بدویة تتنقل عبر مساحة واسعة من الارض،کانت قد بلغت فی تطورها درجة من النضج عند ظهور الاسلام،یجعلها جدیرة بوصف(دول-مدن)،و هو فی توجهه هذا یتفق مع منظور عدد من علماء الاجتماع و السیاسة الذین یرون أن العائلة و القبیلة کانت هی الاساس التاریخی الذی تکونت فی اطاره الدولة،و تتألف الدولة عادة من اجتماع ثلاثة عناصر،هی الشعب(و یتکون من ابناء القبیلة)و الاقلیم(و هو المدینة او الارض التی تعیش علیها القبیلة) و الحکومة المستقلة(و تتألف من شیخ و مجلس العشیرة)4.
أما إمارات(أیلة)و(دومة الجندل) و(نجران)فقد کان امراءها نصاری یدفعون الجزیة،و کذلک حال إمارة (تیماء)التی کان امیرها یهودیا،و لم یکن أهل هذه البلدان جمیعا،سواء التی اسلم علیها امراؤها و ملوکها او الذین صالحوا و قبلوا دفع الجزیة، ینظرون الی النبی(ص)الا بوصفه رئیسا لقبیلة کبری(قریش)نالت ملکا بواسطة النبوة،فصارت القبائل تدفع الیها الزکاة تماما کما کانت تفعل قبل الاسلام عندما کانت تدفع(الاتاوة)لملوک کندة او غیرهم الذین لم تکن علاقاتهم بالقبائل المنظویة تحت لوائهم تتعدی ذفع الاتاوة و التجنید (العسکری)فی اطار التحالفات القبلیة عند الحاجة.
إن ما تقدم،یوصلنا الی أن الدولة التی اسسها الرسول(ص)کانت (دولة موحدة)تقوم علی اساس وحدة السلطة بعناصرها الثلاث التشریعیة و التنفیذیة و القضائیة،و ان اعتراف هذه الدولة بوجود تنظیمات اجتماعیة کالعشیرة و القبیلة فی داخل الامة و السماح لرؤسائها بممارسة بعض الوظائف الاجتماعیة و الاداریة لا یعنی تجزأة السلطة و تقسیمها لخلق(دولة اتحادیة) و إنما یعنی وجود نوع من الامرکزیة الاداریة مراعاة للظروف الجغرافیة و اتلاجتماعیة و الحضاریة التی کانت سائدة فی شبه اتلجزیرة العربیة."