خلاصه ماشینی:
"لقد کنا و لم نزل سلفیین فی تدریسنا تاریخنا،فحرمنا أطفالنا و شبابنا قدرة التعامل العقلانی مع حقائق هذا التاریخ و مجریاته،و حرمناهم من حمل صورة واقعیة عن ذواتهم و عن موقعهم من العالم الذی یعیشون فیه و ینعزلون عنه فی أن واحد،حتی أیقظتنا النکسات الجدیدة إلی أنه لا مخرج لنا من هذا المأزق،مأزق العزلة عن العالم و الوقوف علی هامش الزمن إلا بتبنی منهجیة جدیدة فی تدریس التاریخ،منهجیة تعید إلینا-أو تعیدنا إلی-موضوعیتنا المفتقدة فی فهم تاریخنا و تاریخ الأمم الأخری،و بخاصة أمم الجوار،و تتیح لنا تعلم العیش بسلام مع العالم و مع أنفسنا، و الالتحاق مرة أخری بمسیرة التقدم الانسانی العامن،و ذلک-من بین أمور أخری-بتعلم التفکیر تاریخیا فی اطار«تعددیة السببیة التاریخیة Mulrtiple Causation اجتنابا للإفرازات المرضیة المتجسدة فی نماذج الانسان ذی البعد الواحد،و التی نضحت بها منهجیة السبب الواحد فی تدریس التاریخ و دراسته.
و علی هذا فإن فعالیات جمال عبد الناصر فی ثورة تموز/ یولیو،مثلا،کانت أکثر حسما من فعالیات محمد نجیب،لأن فعالیات عبد الناصر کانت شرطا ضروریا لنجاح الثورة و مثلت عاملا لا یمکن التعویض منه بالسهولة نفسها التی کان یمکن التعویض بها من العامل الذی مثلته فعالیات محمد نجیب.
إن هذا الاستخلاص یقودنا إلی السؤال الأهم:کیف تستطیع التربیة العربیة الجدیدة أن تعید-أو أن ستهم فی اعادة-صیاغة علاقتنا بهذا التاریخ بما یتفق و متطلبات الحیاة الاجتماعیة المعاصرة؟ الإجابة عن هذا السؤال تبدأ-فی تقدیرنا-بوجوب التسلیم بأن سحب الماضی علی الحاضر قد جعل الکیفیة التی ندرس بها تاریخنا-و ندرسه-أداة تجزئة و تقسیم للوجود العربی المعاصر، علی حین أن التحدیات التی تواجه الأمة العربیة تقضی بضرورة جلها أداة توحید مستقبلی."