خلاصه ماشینی:
"غیر أن الدرجة العالیة من التعقید فی بنیة المجتمع الحدیث أضافت إلی السمؤولیات الاجتماعیة للدولة مهاما تکوینیة (Component) و تشکیلیة (Formative) جدیدة لا یمکن فهم الفعل التربوی المتوقع منها-طبیعة و عملا-إلا بوعی هذه المهام و استیعابها، و هذا ما یتفق علماء الاجتماع التربویون علی تسمیته«إعادة تصنیف الفعالیات الاجتماعیة المهملة»و رفعها إلی مرتبة الأولویات الوطنیة أو القومیة،الأمر الذی یزید بدوره من شرعیة السلطة السیاسیة و یطرحها کجهة اجتماعیة وحیدة قادرة علی اتخاذ مثل هذا القرار و تنفیذه.
و منذ البدایة ترکز الاهتمام علی التربیة و نافستها الصحة أحیانا علی هذه المکانة الجدیدة المکتشفة حدیثا،و لکن کل النماذج التطبیقیة لمبدأ الاستثمار فی الانسان انحصرت فی نهایة الأمر فی عامل واحد هو التربیة،و صار ینظر إلی العوامل الأخری کالصحة و البحث العلمی و التقانة و التنظیم و الحکومة و الادارة،علی أنها تبعیة للتربیة (12)من الناحیة الاقتصادیة البحت،لا تعتبر وفرة رأس المال البشری برکة دائما،ذلک أن النمو السکانی السریع تنجم عنه أنواع من المشاکل التی تعوق نماء المجتمع و ازدهاره.
5-غیاب عصرنة التربیة العربیة،و أثره فی تحریر الطاقة الانتاجیة للانسان إن کثیرا من احباطاتنا التربویة حتی الآن جاءت من غبش الغایات التی کنا نرسمها لأنفسنا غیر حاسبین حسابا لامکانات تنفیذها،و لا معتبرین درجة ملاءمتها للعصر الذی تخلق فیه أجیالنا الجدیدة،حتی لقد صار کثیر من جهدنا التربوی إلی عزل هذه الأجیال عن عصرها، و النکوص بها إلی نظم فی الفکر و السلوک ترشحها للسقوط أمام حرکة التقدم الانسانی."