خلاصه ماشینی:
"إلا أن هذه الحماسة الکبیرة التی تطبع هذه الحملة ضد الحداتة و التغریب،لا تمنع الأفغانی أن یستعید،علی مستوی تأویل التراث،کل قیم الحداثة و التنویر من تأکید للعقلانیة، و تمجیدالعلم،و محاربة الاستبداد،و الدعوة إلی الحریة و الدیمقراطیة18؛و هو الموقف الذی (12)«فلسفة النشوء و الارتقاء»فی:برهان غلیون،اغتیال العقل:محنة الثقافة العربیة بین السلفیة و التبعیة(بیروت:دار التنویر،1985)،ص 190.
و هکذا سیعمد کل من المفکرین فی تجاوز عوائق الخطاب المعاصر:اللاتاریخیة و اللاموضوعیة (الجابری)و الوعی الأسطوری و التاریخانیة الوضعیة(أرکون)،إلی منطلقات جدیدة فی تحدید العقل العربی-الإسلامی و رسم أرضیته الجینالوجیة،و هی منطلقات تنتمی عموما إلی شبکة التحلیل الواسعة التی أفرزتها الابستیمولوجیا ما بعد الوضعیة و مساهمات العلوم الانسانیة فی نسختها النقدیة الجدیدة.
خطوات المنهج لدی محمد عابد الجابری 1-ضرورة القطیعة مع الفهم التراثی للتراث:أی ارساء قطیعة ابستیمولوجیة- بالمفهوم الباشلاردی«مع بنیة العقل العربی فی عصر الانحطاط و امتداداتها إلی الفکر العربی الحدیث و المعاصر»، و لا یعنی الأمر هنا الانفصال الکلی عن التراث ذاته بل«القطیعة مع نوع من العلاقة مع التراث،القطیعة التی تحولنا من«کائنات تراثیة»إلی کائنات لها تراث،أی إلی شخصیات یشکل التراث أحد مقوماتها،المقوم الجامع بینها فی شخصیة أعم.
فهل یمکن القول إن مقاربة«نقد العقل»تحدث قطیعة منع قیم التنویر و مع مشروع التحدیث العربی بتحویلها سؤال النهضة من مجاله المرجعی الأصلی إلی حیز دلالی جدید یؤطره فکر«ما بعد الحداثة»؟ للإجابة عن هذا السؤال،نبادر إلی الملاحظة،أن أرکون و الجابری لا یخفیان المسحة النضالیة الحادة التی تطبع مشروعیهما،کما یتبرآن من الطموح العقلانی التحدیثی و إن کانا یحرصان علی إعطائه صیغا جدیدة."