خلاصه ماشینی:
"و سنتحدث عن کل أسلوب من هذین الأسلوبین علی التوالی: و قد کان الغزو الأجنبی لبعض البلاد العربیة غزوا شاملا تناول النواحی العسکریة و الاقتصادیة و الثقافیة جمیعا،و کان الغرض منه إلغاء شخصیة البلد الاسلامی و احلال شخصیة البلد الغازی محلها و کانت احدی الطرق التی لجأ الیها البلد الغازی لتحقیق هذا الغرض تتمثل فی محاولة القضاء علی لغة البلد الذی غزاه و فرض لغته هو بدلا منها فی الدواوین الحکومیة و فی المهن الحرة و فی مجالات الحیاة العملیة المختلفة،و جعلها لغة التعلیم فی المدارس بحیث یصبح الباب الوحید للعمل و للیثقف هو ذلک الذی یفضی الی یفض ی الی ثقافة البلد الغازی أو بحیث یصبح بإمکان أبناء البلد المغزو أن ینهلوا من ثقافة البلد الغازی بصورة مباشرة و بدون حاجة الی الترجمة.
و المأمول أن یؤدی تنفیذ هذین المشروعین الی تخریج مترجمین أکفاء و الی ترجمة أکبر عدد ممکن من الکتب و المراجع العلمیة،و ألا یقتصر الأمر علی الجامعة العربیة بل أن تهتم الدول العربیة و الاسلامیة بتعلیم اللغات و بایفاد البعثات التعلیمیة الی الدول الأجنبیة و بحرکة الترجمة، و أن تعلم أنها فی سباق مع الزمن و أن فرصتها الوحیدة فی کسب هذا السباق و فی الخروج من حالة التبعیة العلمیة و التقنیة التی تعیش فیها رهینة برفع مستوی التعلیم بین أبنائها،و أن نقل العلوم و التکنولوجیا غایة یجب أن تعبأ لها الجهود علی سبیل الأولویة المطلقة و أن الاستثمار فی العلم و الترجمة هو أفضل أنواع الاستثمار و أن تضییق الهوة العلمیة التی تفصل بینها و بین الدول المتقدمة بالنسبة لها مسألة حیاة أو موت و أیضا مسألة دین فی المقام الأول فدیننا یأمر بالعلم،و العلم فی العصر الحدیث أصبح هو القوة التی أمرنا الله بأن نعد ما استطعناه منها."