خلاصه ماشینی:
"و بغض النظر عن الأبعاد المسافیة السحیقة و الساحقة معا علی نحو ما بینا فی عرضنا لجغرافیة العالم الاسلامی،اذا کان ذلک کذلک،فمن الذی یقوم بتوحید الدولة الاسلامیة الأحادیة الکوزموبولیتانیة؟ اذا کان الأقوی-سیاسیا و مادیا-کما فعل الأتراک فما عسی یکون هذا سوی الاستعمار التقلیدی بحذافیره؟و لکن لما کانت القوة متغیرة فی مصایرها، فهذه دعوة الی الصراع المسلح الدوری المستمر داخل الدولة.
و قد دفعت کل من الباکستان و ایران اشتراکها لمشروع الحلف ساعة ولادته،و بارکته ترکیا و تبنته بعض الرجعیات العربیة فی العراق و غیره،علی أساس أن یکون تحالفا مطلقا وثیقا مع دول الغرب و اذا نحن حللنا جوهر الحلف علی ضوء هذه الحقائق،فسنجد أنه أساسا و فی الدرجة الأولی جزء لا یتجزأ من استراتیجیة الغرب لفترة ما بعد الحرب الثانیة،أعنی استراتیجیة«الاحاطة و التطویق»المشهور التی تهدف الی حصار الکتلة الشرقیة عامة و الاتحاد السوفیتی خاصة بسلسلة متصلة الحلقات من الاحلاف السیاسیة و العسکریة تبدأ من النرویج حتی الیابان.
و اذا کان حلف الأطلنطی«الأب»قد فقد أهمیته و بدأ یتصدع،فأی جدوی یمکن أن تقدمها هذه الأحلاف الأقزام القمیئة علی مرمی حجر من الاتحاد السوفیتی؟و ان صح هذا بالنسبة للاتحاد السوفیتی،فهو أصح بالنسبة للصین-اذا اعتبرناها علی حدة بعد تصدع الکتلة الشرقیة و اذا اعتبرنا أن الغرب یعدها الآن الأشد تطرفا فی عداثه-و ذلک لأن الحلف الاسلامی المزعوم اذا لاصق التحاد أو طوقه فهو أبعد کثیرا عن الصین من الناحیة الجغرافیة."