چکیده:
لا ينکر أحد دور الحوار و آثاره الإيجابية والسلبية في التعاملات الفردية والإجتماعيـة و لطالما کانت الأديان و الشريعات تؤکد علي هذا الدور و خاصة في مواقف خروج الکلام عن الإطار الفردي و اکد علي دوره الفاعل في المسيرة الانسانية و ما يرتبط بسعادة البشر و شقاوته حين تتوسع آفاقه في المجتمعات البشرية . في هذا المقال يعالج الحوار في کلام علي (ع ) من جوانب شتي نظرا إلي ظروف الحوار والأطراف المعنية والأهداف المرمية فيه ويتناول البحث في کل من هذه المجالات المختلفة الطريق الصحيح و الأسلوب المتنـاغم مع الظروف المذکورة . فان الإمام إلي جانب تأکيده علي الأهداف السامية في الحوار، نبـه من خلال سيرته و محاوراته وکذلک في رسائله إلي العمـال و الحکـام الـي منطلقـات الحوار و حفظ الأصول و القيم للحيلولة دون انحرافه عن مسيره کما أشار الـي اسـتيعاب الانسان ما يجري علي لسانه والتفکير بعواقبه والتسليم الي الحق و الاجتناب من العصبية . هناک تأکيد علي التحلي بالحلم و اجتناب العناد و الإستئثار بالرأي و الإهتمام بالقواسـم المشترکة للوصول الي التفاهم والإستعانة بالجدال الأحسن کأساليب فاعلة و مـؤثرة فـي الحوار کما يستفيد الإمام من سنن السابقين و الوقائع التاريخية کنماذج حيـة و واقعيـة و يعرضها علي الصديق و العدو بالرغم من أنه أراد من کل واحد منهما هدفا معينـا و غايـة مختلفة . منهج البحث هو توصيفي ـ تحليلي والکاتب يتناول الکلام المنقول عن علي (ع ) من خلال الکتب التاريخية و الروائية وبشکل خاص من خلال نهج البلاغة وغرر الحکـم کمجموعتين أکثر إستنادا من سائر المأثورات الواصلة إلينا.
خلاصه ماشینی:
"ق فی أصعب الظروف وأشدها؛ وقد منع أصحابه من إرتکابه حتی مع جیـوش الأعـداء، وطـالبهم باجتناب مختلف أشکال النفاق والمراء وبالإلتزام بالصدق والعهد وأن لا یناقض حدیثهم الواقـع ؛ حتی لو أدی ذلک إلی التخلی عن الخلافة أو التأخیر فی تولی الدولة العادلة لزمام الأمور، ومـن هنا فعندما أراد الناس بیعة الإمام (ع ) علی شرط العمل بالقرآن الکریم والسـنة النبویـة الشـریفة وسیرة الشیخین قبل الإمام (ع ) بالشرطین الأولین لکنه رفض الشرط الثالث ، الذی لم یکن مقتنعا به ، بکل صراحة ووضوح ، فالإمام (ع ) وإلی جانب أنه یوصی أصحابه بالإلتزام بالمداراة والرفـق والتسامح وعدم التعصب فهو یرفض أن یتخلی أصحابه عن مبادئهم وثوابتهم الأساسیة من أجـل تحقیق الأهداف التی یسعون إلیها، ویوصیهم بألا یظهروا علی لسانهم خلاف ما تضمره قلوبهم بل یحذر من هذا الأمر بشدة قائلا: «المنافق لسانه یسر وقلبه یضر» (انصاری ، بلاتا: ١/ ٦٠).
ق وهو ذات الأسلوب الذی أکد علیه الإمام (ع ) والذی یحترم کثیرا القـیم والقناعـات التـی یحملها أفضل الطرف الآخر، ومن هنا فقد تعامل (ع ) مع أشخاص مثـل معاویـة وطلحـة والزبیر الذین رفعوا لواء المعارضة لخلافته إنطلاقا من القناعات والمفاهیم التی یحملونها هم ، فقد کان المعارضون للإمام یرون إن شرعیة الخلفاء السابقون جاءت فقط من خـلال مبدأ الشوری وإجماع المسلمین ، وعلی الرغم من رفض الإمام (ع ) لمثل هذه المبادئ إلا أنه قام بمحاورتهم علی أساسها وإنطلاقا منها، وقد مارس الإمام (ع ) ذات الأسلوب فـی حادثة السقیفة وبیعة أبی بکر، فعندما کانوا یستدلون علی ما ذهبوا إلیه بالقول بأن مجرد کون المرء صحابیا لا یکفی لتولیه أمر الخلافة بل إن القرابة من رسول الله (ص ) هی أیضا معیار فی هذا المجال ؛ کان (ع ) یقـول لهـم بأنـه أقـرب الصـحابة إلـی رسـول الله (ص ) ( اندیشه سیاسی در گفتمان علوی ، ١٣٨٤: ٢٧٥)."