خلاصه ماشینی:
"وقد حذر الإمام بصورة متکررة من هذه الظاهرة السیئة الخطیرة التی تحول (المنافع) التجاریة ـ التی ذکرها المفسرون المتقدمون ـ إلی مضار کبیرة ، بحیث نری أن الحجیج یستغرقون اللیالی والأیام فی أسواق مکة والمدینة لیشتروا تلک البضائع ، یقول الإمام: «کثیر من حجاج بیت الله الحرام الذین یذهبون لأداء فریضة الحج ، ومن المفروض بهم أن یلبوا استغاثة المسلمین لما یحیط بهم من مؤامرات ، نراهم یتجولون غافلین فی الأسواق بحثا عن البضائع الأمریکیة والأوروبیة والیابانیة ، وبذلک یؤلمون قلب صاحب الشریعة بعملهم هذا المسیء إلی کرامة الحج والحجاج معا» (7) .
إنه ینفث زفرات اللوعة والأسف علی غفلة المسلمین عن هذا الأمر الحیوی والفاعل ، حیث یقول: «نحن الآن لیس لنا من التشرف بمکة وحج بیت الله الحرام سوی ذهاب مجموعة من عامة الناس إلی هناک ، ومع الأسف الشدید فإن مسألة ذهاب أشخاص فاعلین من الحکومات ورجال القوم (من أصحاب الفکر والکتاب والثقافة) ؛ لیجتمعوا هناک ویدرسوا مسائل الإسلام والمسائل السیاسیة والاجتماعیة للمسلمین ، هذه المسألة مغفول عنها .
ولهذا یری أن «بساطة البیت والمسجد ـ کما کانا علیه زمان إبراهیم علیهالسلام وفی صدر الإسلام ـ مع تلاحم المسلمین الوافدین علی ذلک المکان البسیط ، أفضل ألف مرة من تزیین الکعبة والأبنیة المرتفعة فیها ، مع الغفلة عن الهدف الأصلی ، والمقصد الأساس المتمثل بقیام الناس وشهود المنافع: أجعلتم سقایة الحاج وعمارة المسجد الحرام کمن آمن بالله والیوم الآخر وجاهد فی سبیل الله لا یستوون عند الله والله لا یهدی القوم الظالمین (75) ، کأن هذه الآیة الشریفة نزلت فی عصرنا ، وتحکی عن حالنا!!» (76) ."