خلاصه ماشینی:
"و لا بد لنا من وقفة ها هنا نصفی فیها حساب الطرفین فأحدهما یدعو الی ربه بالحکمة و الموعظة الحسنة و الآخر یرد هذه الدعوة بالقوة و العنف و التعذیب و التشرید و قتل بعض الأتباع حتی الاناث کسمیة و یتبع ذلک باعلان المنابذة أی الحرب صراحة و محاصرة شعب بنی طالب و فیه أهل الرسول و أتباعه حارا کاد یمیتهم جوعا و کان الواحد من المسلمین اذا خرج من الشعب لحاجة یخرج متخفیا فلما أن مات أبو طالب طلب الرسول النصرة من ثقیف بالطائف فأساءوه أیما أساءة و اعتدوا علیه و أصبحت قریش بطونها و عشائرها فی حالة حرب مع المسلین و ما حول مکة من قبائل ثقیف و غیرها علی نسق قریش فکأنهم حلفاؤهم علی أذی الرسول و أتباعه و لم تکتف قریش بالحصار بل تعجلوا قتل محمد و الخلاص من أصحابه فأجمعوا أمرهم علی ذلک فلما أفلت منهم بعنایة الله طاردوه فلم یظفروا به فعادوا و نفوسهم یملؤها الحقد و یضطرم فیها الغیظ فانهالوا علی المسلمین بمکة ممن لم یستطع الهجرة لقلة المال أو انعدام الوسیلة أو احکام الحصار انهالوا علیهم بألوان النکال و التعذیب و أسرفوا فی ذلک أیما اسراف و هم یجأرون الی الله أن یکشف عنهم هذا البلاء و تلک المحن.
و ما کان موقف المسلمین اذن من غزوة بدر الا موقف المدافع عن نفسه و کانت الحرب من جانبهم حربا دفاعة لا هجومیة کان جیش المسلمین فی عدته و عدده ثلث جیش قریش و لما علم بمقدم قریش خرج للقائها خارج المدینة فالتقی الجمعان فی بدر و هی أقرب للمدینة منها الی مکة و کان المسلمون یتعاقبون الابل کل ثلاثة علی بعیر بینما قدمت قریش بخیلها و خیلائها و أخذ الرسول علیه السلام یسأل ربه النصر الذی وعده ایاه و یقول:«اللهم ان تهلک هذه العصابة لا تعبد فی الأرض»فنصر الله المسلمین علی قتلهم و دارت علی أهل البغی و العدوان الدائرة و قتل من کبرائهم الکثیر و مع ذلک فلم یخرج المسلمون للقتال الا بعد أن اذن الله لهم بذلک فی أول آیة نزلت من آیات القتال «أذن للذین یقاتلون بأنهم ظلموا و ان الله علی نصرهم لقدیر» ."