خلاصه ماشینی:
"لأن العقل و إن کان حجة من الله تعالی،لکنه حجة خفیة،و لا یصل حکمه إلی مرتبة الفعلیة،إلا بعد ما یتلوه البیان من الحجة الجلیة أی الأنبیاء،فعن الإمام موسی الکاظم علیه السلام أنه قال:إن لله علی الناس حجتین،حجة ظاهرة و حجة باطنة،فأما الظاهرة فالرسل و الأنبیاء و الأئمة علیهم السلام،و أما الباطنة فالعقول،و قال أیضا:إن الله تبارک و تعالی أکمل للناس الحجج بالعقول و نصر النبیین بالبیان2،فمن بدایة خلق الإنسان لم تکن الأرض خالیة من الحجج البالغة، (1)الإسراء-15.
بل و عن الإمام جعفر الصادق علیه السلام أنه قال:الحجة الخلق و مع الخلق و بعد الخلق1،و إن الله تبارک و تعالی کان یبعث سفراءه إلی خلقه لیعبروا عنه و یدلوهم علی مصالحهم و منافعهم و ما به بقاؤهم و فی ترکه فناؤهم،و هم الأنبیاء، مؤدبین بالحکمة مؤیدین من عند الحکیم العلیم.
شهد الأنام بفضله حتی العدی و الفضل ما شهدت به الأعداء و رمز هذه الموفقیة و التقدم فی المسلمین الأول،أنهم أجابوا دعوة الحق و عملوا بما جاء به النبی الأکرم صلی الله علیه و آله و سلم،حیث اقتنعوا و آمنوا بأن کل أحکام هذا الدین المبین مبنیة علی العقل السلیم،و سلیمة عن أی اعوجاج و انحراف،و متعرضة لجمیع شؤون الحیاة،و شاملة لمصلحة الفرد و المجتمع،من الأبیض و الأسود،و العرب و العجم،من دون مزیة لفرد دون الآخر،و لفئة دون الأخری،إلا بتقوی الله،فما أکثر ما نجم عن هذا الدین القویم من التحولات الأیدیولوجیة و التکنولوجیة،و ما تطور عنه من الفنون المختلفة حتی وصلت إلی مداها،و ما انحدر عنه من سیول العلوم و غرائرها،و کل ذلک بشهادة التاریخ."