Abstract:
یعالجُ هذا المقال بعض ما یثار حول مسألة الإطعام فی المناسبات الدینیة، وأبرزها ما ارتبط بإحیاء ذکر الحسین، مسلّطاً الضوء علی نظر الشارع فی هذا السلوک وهو الإطعام، ثمّ خصّ الکلام فی بیان وجوه الإطعام علی حبّه، ثم ختم فی ذکر عدد من التوصیات النافعة حال تطبیق هذا السلوک فی مجتمعاتنا.
Machine summary:
والإطعامُ -كما لا يخفى- هو أحد مصاديق البذل، لكنّ الإسلام لم يكتفِ بالتأكيد على حُسن البذل والحثّ عليه فحسب، بل خصَّ -أيضاً- عنوان «الإطعام» بالمدح والحثّ، فقال الله عند امتداحه أهل الرسالة (صلوات الله عليهم): ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾(الإنسان: 8-9)، واستفاضت الروايات عنهم (صلوات الله عليهم) بالمدح والحث أيضاً، فمِمَّا جاء عنهم في ذلك ما رواه الصدوق (رحمه الله) بسنده عن رسول الله أنّه قال: «خيركم من أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلَّى والناس نيام» 1 ، وما رواه الكليني (رحمه الله) بسنده عن أبي عبد الله الصادق أنّه قال: «المنجياتُ: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام» 2 .
وجوه الإطعام على حبّ الحسين ونحن هنا لا نتحدَّث عن أصل عنوان «الإطعام» فحسب وإن كان حسناً في نفسه، بل نتحدَّث عن «الإطعام على حبّ الحسين»، والممارسة المنضوية تحت هذا العنوان وإن تميَّزت بنحوٍ خاص في بعض مجتمعاتنا الموالية -كالمجتمع البحراني والعراقي- دون غيرها من المجتمعات الموالية إلاَّ أنَّ لها خلفيات ووجوه لا تختصُّ بمجتمعٍ دون آخر، يتَّضح ذلك من خلال الالتفات إلى وجوه «الإطعام على حبّ الحسين»، وأبرزها: الأول: التأسّي بالسجاد روى المُحدِّث أحمد بن محمد بن خالد البرقي في كتاب المآكل من كتابه المحاسن ضمن باب «الإطعام في المأتم» بسنده عن عمر بن علي بن الحسين أنّه قال: "لمَّا قُتِلَ الحسين بن عليٍ، لَبَسْنَ نساء بني هاشم السواد والمسوح، وكُنَّ لا يشتكيْنَ من حرٍّ ولا بَردٍ، وكان علي بن الحسين يعمل لهن الطعام للمأتم" 1 .
ويرشد إلى ذلك ما رواه الكليني في أبواب التاريخ من الكافي بسنده عن مصقلة الطحَّان، قال: سمعتُ أبا عبد الله يقول: «لما قُتِلَ الحسين، أقامت امرأته الكلبية عليه مأتماً، وبكت وبكيْنَ النّساء والخدم حتى جفَّت دموعهن وذهبت، فبينا هي كذلك [إذ] رأت جاريةً من جواريها تبكي ودموعها تسيل، فدعتها، فقالت لها: ما لكِ أنتِ من بيننا تسيل دموعك؟ قالت: إنّي لمّا أصابني الجهْد شربت شربة سويق.