خلاصه ماشینی:
"وینبغی أن یعلم أن نظریة الحسن والقبح ـ وإن نسبت إلی المعتزلة أو الامامیة ـ یقول بها بعض علماء السنة، ومنهم ابن القیم، قال فی کتابه مفتاح دار السعادة (2) فمن جوز عقله أن ترد الشریعة بضدها من کل وجه فی القول والعمل، وأنه لا فرق فی نفس الأمر بین هذه العبادة وبین ضدها، من السخریة والسب والبطر وکشف العورة والبول علی الساقین والضحک والصفیر وأنواع المجون وأمثال ذلک، فلیعز فی عقله، ولیسأل الله أن یهبه عقلا سواه وقد سئل بعض الأعراب فقیل له کیف عرفت ان محمدا رسول الله؟ فقال: ما أمر بشئ فقال العقل لیته ینهی عنه، ولا نهی عن شئ فقال العقل لیته أمر به، فهذا الأعرابی أعرف بالله ودینه ورسوله من هؤلاء، وقد أقر عقله وفطرته بحسن ما أمر به وقبح ــــــــــ (1) راجع کتاب (القواعد الکبری) لعز الدین بن عبد السلام ص 192 / 193 ج 1 وفی أمثلة عدة للإختلاف فی الفروع الکلامیة مع الاتفاق علی الأصل.
3 ـ ومن أمثلة هذا النوع أیضا ما وقع من الخلاف بین الجمهور والشیعة الامامیة فی نکاح المتعة وهو العقد علی الزوجة إلی أجل، فالامامیة یبیحونه والسنة یمنعونه ویعتبرون إباحته خرقا للإجماع، ویذکرونه فی معرض النبز للإمامیة بمخالفتها أمرا مجمعا علیه، والأمر فی هذه المسألة له جانبان: جانب متفق علیه وهو أن ذلک کان مشروعا فی أول الإسلام شرعه رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وأباحه وعمل به جماعة من الصحابة، وجانب مختلف فیه: وهو أن أهل السنة یقولون: نسخت الاباحة، والشیعة یقولون: لم تنسخ، ولکن أدلته علی ما یقول، وهی أدلة صالحة للنظر والدرس والترجیح، فالمسألة إذن من المسائل الخلافیة التی یباح للمجتهدین أن ینظروا فیها."